توصيات سماحة السيّد حسن نصرالله حول ليالي القدر
من آداب الدعاء:
1- الدعاء بحضور قلب:
يعني أن يصرف الفرد ذهنه عن كلّ ما يحيط به، أن يعتبر نفسه جالسًا بين يدي الله سبحانه وتعالى، ويوجّه قلبه إلى الله، ويُحضر قلبه بين يدي الله، ويخاطب الله سبحانه وتعالى بقلبٍ صافٍ، بقلبٍ هادئٍ رحيم. إذاً، ندعو مع حضور القلب وليس مجرّد لقلقة لسانٍ، أو أدعو وأنا شاردٌ بذهني بعيدًا عمّا أنا فيه. نعم، أثناء الأدعية الطويلة قد يتعب أحدنا أو يشرد بذهنه ولكن يعود إلى نفسه ويكمل فلا بأس، فالشيطان كما نعلم يأتي إلى الإنسان أثناء مجالس الدعاء الأدعية الطويلة خصوصًا يأتي علينا بالنعاس ويشغل بالنا و يأخذ لنا خيالنا. والآن لو كشف لكم الغطاء لرأيتم الشياطين يهجمون عليكم، ويعملون على سلب النوم من أعينكم، أو يُدخلون الملل إلى نفوسكم. وهذا جزءٌ من جهاد النفس. يجب أن تقاوم هذا الأمر وليكن قلبك حاضرًا كي تستفيد من كلّ لحظات وثواني هذه الليلة المباركة.
2- في أيّ دعاءٍ نبدأ بالبسملة.
3- في أيّ دعاءٍ بعد البسملة، التمجيد لله والتحميد لله سبحانه وتعالى
4- بدء الدعاء وختمه بالصلاة على محمّدٍ وآل محمّد: "اللهمّ صلّ على محمّدٍ وآل محمّد". هذا يساعد على استجابة الدعاء.
5- الاستشفاع بالصالحين:
أنبياء الله، رُسل الله، الأئمّة، الأوصياء، الأولياء، عباد الله الصالحين. لذلك عندما ندعو الله سبحانه وتعالى نقول له "نسألك باسمك العظيم الأعظم الأعزّ الأجلّ الأكرم؛ بأسمائك الحسنى" نسأله بكلّ أسمائه وصفاته "كما نسألك بأنبيائك ورُسُلك وملائكتك وكتبك"، يعني، كلّ ما هو عزيزٌ عند الله، وحبيبٌ إلى الله سبحانه وتعالى، نقدّمه بين أيدينا. ببركة هؤلاء الذين يحبّهم الله ويعزّهم الله؛ كرامتهم عند الله، مقامهم، حرمتهم، درجتهم؛ هذا يفتح لنا الأبواب: أبواب الاستجابة.
6- الإقرار بالذنب: "لتُغفر ذنوبنا".
7-الاعتراف والإقرار والإذعان بالعجز والضعف والحاجة:
يعني، أن لا يدعو أحدنا دعاء المستغني، بل يدعو دعاء الفقير المسكين المحتاج ويقول لله عزّ وجلّ: "أنت تعلم فقري وعجزي ووهني وضعفي وفاقتي، والخير كلّه عندك، وأنا لا أملك شيئًا.. أصلاً؛ أنا لست شيئًا حتّى يكون عندي شيئ".
8- التضرّع والابتهال:
يدعو تكلّمنا سابقًا عن حضور القلب، هنا نتكلّم عن حضور القلب بخضوعٍ لله عزّ وجلّ بخشوعٍ؛ بخوفٍ؛ بتهيّبٍ؛ بتذلّلٍ؛ هذا مطلوب.
9- تعميم الدعاء لأهله، لإخوانه، لمن سأله الدعاء، لمن أحبّ، للمؤمنين للمؤمنات، لوالديه لأرحامه، لأهله، لإخوانه لأخواته، للناس من حوله؛ تعميم الدعاء هذا مؤثّرٌ في الإجابة.
10- الاجتماع في الدعاء:
كان معروفًا عند الأنبياء (عليهم السلام)، إذا كان لدى أحدهم مطلبٌ حسّاس حتى النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) كان يأتي بزوجته ويجمع أولاده وأحفاده؛ عياله، جيرانه ثم يجلس للدعاء، وهم يؤمّنون من بعده. أي يقولون: " آمين يا رب العالمين". بقدر ما يكون عدد المجتمعين كبيرًا، بقدر ما يكون أثر الدعاء كبيرًا أيضًا. ولذلك يختلف الأمر بين من يجلس في البيت لوحده ويدعو، وبين من يأتي إلى مسجدٍ، أو مجمّعٍ، أو حسينيّةٍ، أو مكانٍ عام لا سيّما في مثل هذه المجالس، في مثل هذه الليالي ويلتقي بحشود المؤمنين والمؤمنات، ويدعون ويتوسّلون سويًّا ويؤمّنون سويًّا. هذا طبعًا باب الاستجابة فيه أفضل بكثير.
11- اختيار الأوقات المناسبة والأماكن المناسبة.
12- الإلحاح بالدعاء وعدم اليأس.
13- من جملة الأمور التي تساعد في الاستجابة للدعاء؛ دعاؤك لأخيك في ظهر الغيب. أخيك يطلب منك أن تدعو له ولا يعلم أنّك بصدد الدعاء له. أو طلب منك ولكن لا يعلم أنّك تدعو أو لا تدعو هذه الليلة. ليس المقصود بالأخ هنا؛ إبن أمك وأبيك. أيّ أخ، أيّ أخت؛ الأخ الإيماني. يعني، في ليلة قدر وفي منتصف الليل أنت قائمٌ وتدعو لأخيك في ظهر الغيب؛ تدعو له بالصحّة وبالعافية وبالرزق .
14- أن يكون الإنسان أساسًا ودومًا مع الإستطاعة من أهل الدعاء. وليس أن يدعو فقط عند وقوع المصيبة؛ على سبيل المثال، إنسانٌ يطلّ على جيرانه، ينظر إن كانوا محتاجين لشيءٍ أم لا؛ يتفقّدهم بالأفراح، يشاركهم بالمصائب.
15- النقطة الأخيرة، وهي الجديّة في ترك المعاصي. الله سبحانه وتعالى يطلب من الجميع أن يدعوه. إنّ الدعاء ليس متاحًا فقط للأتقياء. الدعاء للجميع: للأتقياء والعاصين. والله سبحانه وتعالى يقول: ادعوا، توبوا، وأنا أحبّ التوّابين، وأنا أقبل التوّابين، وأنا أُكرِم التوّابين، وأكافئ التوّابين. لكن لهؤلاء التوّابين الذين يتوجّهون بالدعاء إلى الله، عندما ندعو ونطلب من الله أن يغفر لنا ذنوبنا في مثل هذه الليلة؛ في ليلة القدر ينبغي أن نمتلك إرادةً جدّيةُ بترك المعصية وعدم العودة إليها.
النقطة الأخيرة وهي مهمّةٌ جدًّا في ملفّ الدعاء، الدعاء هو المعرفة؛ يعني، معرفة من نخاطب؛ معرفة مع من نتكلّم؛ معرفة من نسأل؛من ندعو. وقد ورد في بعض الأحاديث الشريفة أنّه في زمن أحد الأنبياء (عليهم السلام) كان قومٌ يدعون الله، الله لم يستجب لهم. قصدوا النبيّ وسألوه عن سبب ذلك فقال لهم النبيّ: لأنّكم لا تعرفون من تدعون. معرفة الله سبحانه وتعالى هي شرطٌ أساسيٌّ وجوهريٌّ، وركنٌ في عمليّة الدعاء. وفي هذا الفعل العباديّ أنا لا أتكلّم عن موضوعٍ معقّدٍ، وإنّما هو موضوعٌ بسيطٌ جدًّا؛ الصغير والكبير يستطيع فهمه. عندما نقول نريد أن ندعوه سبحانه وتعالى، حسنًا؛ يعني من هو، ما هي صفات من أتينا لندعوه؛ من أتينا لنسألهُ ونطلب منه.