كتابة: كلير جوبير.
تعريب: د. أميمة علّيق.
عاد الربيع من جديد؛ في وسط السهل، أزهرت شجرة التفاح، وكانت الشمس ترسل أشعّتها عبر قطرات ندی الصباح.
استفاق الدُّبّ الصغير من سباته الشتوي، وأخرج رأسه من جُحره.
نظر حوله، وصرخ متفاجئًا: "إلهي! كم جعلتَ سهلي جميلاً!".
حكَّ الدُّبّ الصغير رأسه متسائلاً: "كيف يمكن أن أشكر الله تعالى على كلّ هذا الجمال؟".
ذهب الدبّ فَرِحًا كي يستشير رفيقيه القنفذ والغراب.
"برأيكما، كيف يمكنني أن أعبّر عن شكري لله تعالى؟" سأل وهو يريهما السهل.
"من الأفضل أن تصنع فطائر له"، قال الغراب.
"لا، أعتقد أنه من الأفضل أن نكون لطفاء ومحبّين للجميع. فالله تعالى يحب اللطف أكثر من الفطائر"، قال القنفذ.
"إنّه أمرٌ صعب، أن نكون لطفاء مع الجميع!"، قال الدبّ الصغير متنهِّدًا.
التفت إلى القنفذ، وقال له: "اللطف، سأتركه لمرّةٍ أخری، حسنًا؟ سأصنع له فطائر هذه المرّة".
بدأ الغراب يضحك، عقّد القنفذ حاجبيه، أراد أن يقول شيئًا، لكنّه هزّ كتفيه وابتعد.
عاد الدبّ إلى جُحره وبدأ بالعمل، صنع سبع فطائر، ووضعها في سلّة. ثم خرج من جحره وسأل الغراب: "إلى أين يجب أن آخذ هذه الفطائر الآن؟".
ابتسم الغراب وقال: "خذ السلّة إلى أعلى التلّة، ثم ارجع بسرعة، كي لا يخجل الله من أخذ الفطائر".
وضع الدبّ السلّة على رأسه واتجه نحو التلّة، يتبعه الغراب.
في الطريق، خرج غزالٌ من بين الشجيرات فجأةً. سلّم على الدبّ قائلاً: "ممم... ممم! ما أطيب رائحة فطائرك، تبدو لذيذة! هل تعطيني واحدةً من فضلك؟"
"طبعًا هي لذيذة"، أجاب الدبّ فرحًا، "لأنّني حضَّرتها لله!"
اقترب الغراب، وأجاب بخُبث: "واق، واق، لا مجال للكلام! فهي ليست لك، لا لا لا".
لكنّ الدبّ الصغير تذكَّر كلام القنفذ. "إن الله يرضى حتمًا أن أكون لطيفًا الآن"، قال ذلك في نفسه، وأعطى فطيرةً للغزال.
همهم الغراب متأفّفاً، ولكنه لم يقل شيئاً.
"ليرضَ الله عنك ويحبّك، أيها الدبّ الصغير!" قال الغزال.
أحسّ الدبّ الصغير أن قلبه قد امتلأ فرحًا. وردَّد في نفسه قائلاً: "أن أكون لطيفًا، ليس بالأمر الصعب جدًّا، كما كنت أتوقَّع".
أكمل الدبّ الصغير طريقه، يتبعه الغراب. فجأة، قفز أمامه سنجابٌ من على غصن شجرة. سلّم على الدبّ وقال له: "ممم! ما أطيب هذه الرائحة! هل يمكنك أن تعطيني إحدى ...".
قطع الغراب كلامه بخُبث: "واق، واق! لا، لا، لا، فهي ليست لك!"
قال الدبّ: "هذه المرّة أيضًا يمكنني أن أكون لطيفًا، ليفرح الله مني".
وأعطى فطيرةً للسنجاب، همهم الغراب بتأفُّف، لكنّه لم يقل شيئًا.
قال السنجاب: "ليعطِك الله أجر هذا العمل وليرضَ عنك، سيفرح صغاري كثيرًا".
أكمل الدبّ الصغير طريقه إلى التلّة. صادف في مسيره خِلْدًا، طائرُ فرّ، ابن عرس وأعطى لكلٍّ منهم فطيرة. أصبحت سلّته خفيفةً جدًّا، كم فطيرة بقي في السلّة؟ اثنتان فقط.
نظر الغراب إلى السلّة بقلق: "فطيرتان، قليلةٌ جدًّا لله. ماذا لو أكلنا الفطيرتين أيضًا؟"
وضع الدبّ الصغير السلّة أرضًا، نظر إلى الفطيرتين، ثم إلى الغراب، ثم إلى الفطيرتين، ثم إلى الغراب. دغدغت رائحة الفطائر أنفه وبدأت معدته بالكركعة.
"نعم، ماذا لو أكلناها؟" تساءل الدبّ.
في هذه اللحظة، بدأ المطر ينزل بقوّة. اختبأ الدبّ والغراب تحت شجرة. التحقت بهما عائلةٌ من فئران الحقل راكضة، كانت الفئران الصغيرة مبللةً بالمطر وترتجف من البرد.
"أنا جائعٌ، يا أمي!" صرخ فجأةً أحد الصغار.
"أنا أيضًا! أنا أيضًا! أنا أيضًا! أنا أيضًا!" صرخت بقية الفئران.
نظر الدبّ الصغير إلى فطيرتيه متنهّدًا. لكنّه ابتسم قائلاً: "الغراب معه حق. فطيرتان، قليلةٌ جدًّا لله".
فقسّم الفطيرتين إلى قطع صغيرة ونادى: "تعالوا أيها الأصدقاء، تفضَّلوا!"
اقترب الغراب أولاً، وتناول بمنقاره أكبر قطعة. أخذ كل فأرٍ من فئران الحقل قطعته وشكروا الدبّ الصغير.
بقي في قعر السلّة قطعة للدبّ الصغير.
لكنّه لم يأكلها، بل ربّت بهدوء على معدته التي تكركع وقال: "هس".
توقف سقوط المطر شيئًا فشيئًا وعاد الجميع، كلٌّ إلى بيته. في طريق العودة، مرّ الدبّ الصغير لزيارة صديقه القنفذ، وحكى له كل ما حصل.
هتف القنفذ: "أحسنت، أيها الدبّ الصغير! آسف لأنّني لا أستطيع أن أحتضنك!".
أخذ الدبّ الصغير يضحك، وأعطى للقنفذ آخر قطعةٍ من الفطائر، ثم سأله بقليل من القلق:
"أأنت متأكِّدٌ أن الله يحبّ اللطف أكثر من الفطائر؟"
هزّ القنفذ رأسه موافقًا بفمٍ ملآن. ابتلع لقمته وقال: "كم كانت طيّبة، أيها الدبّ الصغير! ليرضَ الله عنك".
في هذه اللحظة، أزاح الهواء الغيوم التي تغطّي الشمس، ولمع في السماء قوس مطرٍ ملوّن كبير.
"آه، يا إلهي، كم جعلت السماء جميلة"، صرخ الدبّ الصغير متعجبًا.
لم يبقَ مع الدبّ الصغير أي فطيرةٍ لتقديمها لله. لكنّه كان يشعر في أعماق قلبه أن الله تعالى كان راضيًا عنه.
أسئلة حول القصّة:
ماذا سأل الدبّ الصغير نفسه عندما استفاق من سباته الشتوي متفاجئًا؟ ولماذا؟
عندما استشار الدبّ الصغير صديقيه "الغراب والقنفذ"، أنّه كيف يمكنه شكر الله على صنعه، بماذا أجاباه؟
ما الذي كان يدفع الدبّ في كل مرّةٍ إلى إطعام الحيوانات الصغيرة؟
بعد أن أصبحت سلّة الدبّ الصغير خاليةً من الفطائر، ما هو الشيء الذي كان يقلقه؟ وبماذ طمأنه القنفذ؟
كيف تصف شعور الدبّ الصغير في نهاية القصّة؟
أمانة برامج الجوالة والكشافة
6137قراءة
2017-06-12 12:49:08