الإمام الصادق عليه السلام وبناء الأمّة الصالحة
• بناء جامعة أهل البيت (عليهم السلام)
واصل الإمام الصادق عليه السلام تطويره للمدرسة الّتي أسّسها آباؤه الطاهرون عليهم السلام من قبله وانتقل بها إلى آفاقٍ أرحب، فاستقطبت الجماهير من مختلف البلاد الإسلاميّة، لأنّها استطاعت أن تُلبّي رغباتهم، وحاولت ملء الفراغ الذي كانت تُعانيه الأمّة آنذاك.
• مميّزات جامعة الإمام الصادق عليه السلام
1- تتميّز مدرسة الإمام الصادق عليه السلام عن غيرها في أنّها لم تنغلق في المعرفة على خصوص العناصر الموالية فحسب، وإنّما انفتحت لتضمّ طلّاب المعرفة والعلم من مختلف الاتّجاهات، فهذا أبو حنيفة الّذي كان يخالف الإمام عليه السلام في منهجه، روى وحدّث عنه عليه السلام، واتّصل به في المدينة مدّة من الزمن، وقد اشتهر قوله "لولا السنتان لهلك النعمان".
2- لم يقتصر علم الإمام عليه السلام على حقلٍ واحد - كالفقه أو الكلام مثلاً ليكون سببًا لمخاطبة وجذب فئة محدودة من الناس - وإنّما تناولت جامعته العلميّة مجموعة العلوم الدينيّة وغير الدينيّة، وتربّى فيها كبار العلماء في مختلف فروع المعرفة الإسلاميّة والبشريّة. والعلوم التي تناولتها جامعته (عليه السلام) بالبحث والتدريس هي علم الفلك والطبّ، والحيوان، والنبات، والكيمياء والفيزياء، فضلاً عن الفقه والأصول والكلام والفلسفة وعلم النفس والأخلاق.
3- تألّقت جامعة الإمام (عليه السلام) بمنهجها العلميّ السليم وعمقها الفكريّ واتجاهها العقائديّ التربويّ الإصلاحيّ، فقد خرّجت هذه الجامعة شخصيّاتٍ كبرى ونماذج مُثلى بالعطاء السخيّ للأمّة، بحيث أصبح الانتماء إلى مدرسة الإمام (عليه السلام) وجامعته يعدّ من المفاخر، وقد جاوز عدد طلّابها أربعة آلاف طالب علم. واتّسعت فيما بعد لتُنشَأ عدّة فروع لها في الكوفة والبصرة وقمّ ومصر.
4- لم يجعل الإمام (عليه السلام) من الجامعة والجهد المبذول فيها نشاطًا منفصلاً عن حركته وأنشطته الأخرى، بل كانت جزءًا لا ينفصل عن برنامجه التغييريّ بحيث ساهمت في خلق مناخ يمهّد لبناء الفرد الصالح ومن ثمّ المجتمع الصالح.
5- حقّقت مدرسة الإمام (عليه السلام) إنجازًا في خصوص تدوين الحديث والحفاظ على مضمونه، بعد أن كان قد تعرّض في وقتٍ سابقٍ للضياع والتحريف والتوظيف السياسيّ، بسبب المنع من تدوينه.
يقول (عليه السلام): "إنّ عندنا ما لا نحتاج معه إلى الناس وإنّ الناس ليحتاجون إلينا، وإنّ عندنا كتابًا بإملاء رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) وخطّ عليّ (عليه السلام)، صحيفة فيها كلّ حلالٍ وحرام".
وجاء عنه (عليه السلام) أنّه قال: "علمنا غابرٌ، ومزبورٌ، ونكتٌ في القلوب ونقرٌ في الأسماع. وإنّ عندنا الجفر الأحمر، والجفر الأبيض، ومصحف فاطمة. وإنّ عندنا الجامعة فيها جميع ما يحتاج الناس إليه..."1.
وكان عليه السلام يأمر طلّابه ويؤكّد لهم ضرورة التدوين والكتابة كما نجد ذلك في قوله (عليه السلام): "احتفظوا بكتبكم فإنّكم سوف تحتاجون إليها". وكان (عليه السلام) يشير إلى نشاط زرارة في مجال الحديث ويقول: "رحم الله زرارة، لولا زرارة لاندرست أحاديث أبي"2.
6- اعتنى الإمام عليه السلام بالتخصّص العلميّ في تلك المرحلة لأنّ للاختصاص دورًا كبيرًا في تنمية الفكر الإسلاميّ وتطويره، وبالتخصّص تتميّز العطاءات، ويكون الإبداع وعمق الإنتاج، لذا وجّه الإمام (عليه السلام) التخصّص العلميّ، وتصدّى للإشراف على كلّ التخصّصات.
ففي الفلسفة وعلم الكلام ومباحث الإمامة تخصّص كلٌّ من: هشام بن الحكم وهشام بن سالم، ومؤمن الطاق وغيرهم، وفي الفقه وأصوله وتفسير القرآن الكريم تخصَّص كلٌّ من: زرارة بن أعين، ومحمّد بن مسلم، وجميل بن درّاج، وبريد بن معاوية، وإسحاق بن عمّار، وأبو بصير، وأبان بن تغلب والفضيل بن يسار، وأبو حنيفة ومالك بن أنس، وسفيان بن عُيينة، وسفيان الثوريّ. كما تخصَّص في الكيمياء جابر بن حيّان الكوفيّ، وفي حكمة الوجود المفضّل بن عمر الّذي أملى عليه الإمام الصادق (عليه السلام) كتابه المشهور المعروف بـ (توحيد المفضّل).
7- خطّط الإمام (عليه السلام) في مدرسته لتنشيط حركة الاجتهاد وتخريج
الفقهاء والمجتهدين، والاجتهاد المشروع هو: طريق الاستنباط الصحيح للحكم الشرعيّ كما رسمه أهل البيت عليهم السلام. وقد سأل رجلٌ أبا عبد الله الصادق عليه السلام عن مسألة فأجابه فيها، فقال الرجل: إن كان كذا وكذا ما كان القول فيها؟ فقال (عليه السلام): "مهما أجبتك فيه بشيء فهو عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، لسنا نقول برأينا من شيء"3.
و عليه فالاجتهاد في مذهب أهل البيت عليهم السلام هو اجتهادٌ في دائرة النصّ الشرعيّ. ومن هنا رسم الإمام (عليه السلام) منهج الاجتهاد في فهم النصّ وحارب اجتهاد الرأي المتمثّل في القياس والاستحسان كما حاربه القرآن وسائر الأئمّة (عليهم السلام).
• الإمام الصادق (عليه السلام) وبناء الأمّة الصالحة
تعرّفنا في سيرة الإمام الباقر (عليه السلام) إلى أنّ أهمّ ما ركّز عليه أئمّة أهل البيت (عليهم السلام) لبناء المجتمع الصالح بعد رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) هو بناء الجماعة الصالحة الّتي تستطيع أن تقوم بمهمّة التغيير الحقيقيّ في أوساط المجتمع الصالح.
ويعتبر عصر الإمامَين الباقر والصادق (عليهما السلام) هو عصر التأهيل النظريّ والتوسّع الاجتماعيّ وتكامل البناء وتحديد المعالم، وتشخيص الهويّة لهذه الجماعة المتميّزة بالفكر والعقيدة والقيم والسلوك.
وقد اعتنى الإمام الصادق (عليه السلام) بعمليّة بناء الأمّة من خلال التركيز على إيجاد الكوادر والعناصر الصالحة من شيعته. وفي قراءتنا لأهمّ الخطوات التي قام بها من أجل عمليّة البناء هذه نرى أنّه عليه السلام قد اتّبع ما يلي:
أوّلاً: تحديد الهويّة لشيعته
أ - الاسم: أطلق الإمام الصادق (عليه السلام) على شيعته عدّة أسماء لتشخيص هويّة شيعته وجماعته وفرزها وتمييزها عن غيرها، ومنها:
1- شيعة عليّ.
2- شيعة فاطمة.
3- شيعة آل محمّد.
4- شيعة ولد فاطمة.
وأقرّ (عليه السلام) على جماعته اسم الرافضة بعد أن سمّاهم أتباع السلطان بذلك، فحينما شكا إليه بعض أصحابه هذه التسمية قال له: "وأنا من الرافضة" قالها ثلاثًا4.
ب - الصفات: أطلق أهل البيت (عليهم السلام) عدّة صفات قرآنيّة على شيعتهم مثل: الصالحون وأولو الألباب وأولياء الله وأصحاب اليمين وخير البريّة.
قال (عليه السلام): بعد ذكر قوله تعالى: ﴿فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ..﴾ " نحن الصدّيقون والشهداء وأنتم الصالحون، أنتم والله شيعتنا"5.
وفي حديثٍ آخر يقول (عليه السلام): ".. فنحن الّذين نعلم وأعداؤنا الّذين لا يعلمون وشيعتنا أولو الألباب"6.
ج - الانتماء إلى النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وأهل بيته (عليهم السلام): فقد أكّد الإمام الصادق (عليه السلام) انتماء شيعته إليهم وإلى رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم). وهذا الانتماء الفكريّ والروحيّ والاتّباع العمليّ هو الذي يُعطي الرفعة والمكانة السامية في الدنيا والآخرة.
فقد روي عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنّه قال لعمر بن يزيد وهو من شيعته وأصحابه الثقاة: "يا بن يزيد أنت والله منّا أهل البيت (عليهم السلام). قال: جُعلت فداك من آل محمد؟
قال: إي والله من أنفسهم يا عمر، أما تقرأ كتاب الله تعالى: ﴿إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَاللّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ﴾7 "8.
د - منزلتهم في الدنيا والآخرة: قال الإمام الصادق (عليه السلام): "والله ما بعدنا غيركم وإنّكم معنا في السنام الأعلى، فتنافسوا في الدرجات"9.
ثانيًا: المرجعيّة الدينيّة والفكريّة والسياسيّة
خطّط الإمام الصادق (عليه السلام) وسائر الأئمّة (عليهم السلام) من أجل إيجاد وتوفير نظام المرجعيّة الدينيّة لأتباعهم، وذلك بتنصيب المجتهد الجامع لشرائط الإفتاء والقضاء والحكم مرجعًا فكريًّا وسياسيًّا، يحكم فيهم على أساس شريعة الله الخالدة وقيمها الربّانيّة، مع اعتباره امتدادًا لإمامتهم المشروعة. وبدأوا بالعمل على طرحه وتطبيقه في حياتهم وحضورهم ليتركّز وتستقر دعائمه وتتّضح معالمه.
فقد ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنّه قال في باب اختيار القاضي بين المتخاصمين أنّهما: "ينظران من كان منكم ممّن روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا وعرف أحكامنا فليرضوا به حكمًا"10.
وبدأ الطرح النظريّ والتطبيق العمليّ لهذا الأصل المميّز لنظام الجماعة الصالحة في عصر الصادقَين (عليهما السلام). واستمرّ التأهيل النظريّ والتطبيق العمليّ حتّى نهاية الغيبة الصغرى حيث أصبح لأتباع أهل البيت نظامٌ متكامل ووجودٌ مستقلٌّ ضمن المجتمع الإسلاميّ بالرغم من غياب القيادة المعصومة المتمثّلة في الإمام المهديّ المنتظر (عليه السلام).
ثالثًا: التشكيلات السرّيّة
أولى الإمام (عليه السلام) اهتمامًا خاصًّا للنظام الأمنيّ حفاظًا على سلامة الأفراد والجماعات المحيطة به، لأنّ أيّ خلل في الوضع الأمنيّ يؤدّي إلى سجن أو قتل أو تهجير من له أثرٌ إيجابيٌّ في الأمّة. والاهتمام بالنظام الأمنيّ يضمن للأمّة بقاء القيادة وهي الإمام المعصوم (عليه السلام) الّذي يرشدهم ويوجّههم ويربّيهم، ويعلّمهم أحكام الدين وسبل الشريعة.
وللنظام الأمنيّ معالم ومظاهر يمكن تحديدها على ضوء ما ورد في توجيهات الإمام (عليه السلام) وذلك من قبيل تشريع التقيّة والعمل بها، وكتمان الأسرار كما في قوله (عليه السلام): "اكتموا أسرارنا ولا تحملوا الناس على أعناقنا"11، وأيضًا من خلال دعوته إلى التوازن في العلاقة مع الحكّام، ففي الوقت الذي كان (عليه السلام) يأمر بمقاطعة الحاكم الجائر كان يُراعي المصلحة الإسلاميّة العليا في عدّة موارد فيجوّز بيع السلاح أو حمله إلى أتباع السلطان في زمن الخوف على الدولة الإسلاميّة من الأعداء الخارجيّين.
• النشاط السياسيّ للإمام الصادق (عليه السلام)
استهدف العمل السياسيّ عند الإمام الصادق (عليه السلام) لونَين من الانحراف:
1- انحراف الحكّام.
2- انحراف الفكر السياسيّ الاجتماعيّ الناشئ من فقدان الفكر والوعي السياسيّ السليم.
ولهذا ركّز الإمام (عليه السلام) على ما يلي:
أ- التثقيف على عدم شرعيّة الحكومات الجائرة والتي ليس لها رصيدٌ شرعيّ. ورتّب على ذلك تحريم الرجوع إليها لحلّ النزاعات والخصومات كما ورد عنه قوله (عليه السلام): "إيّاكم أن يُحاكم بعضكم بعضًا إلى أهل الجور، ولكن انظروا إلى رجل منكم يعلم شيئًا من قضايانا فاجعلوه بينكم فإنّي قد جعلته قاضيًا فتحاكموا إليه"12 ، وقال (عليه السلام): "أيّما مؤمنٍ قدّم مؤمنًا في خصومةٍ إلى قاضٍ أو سلطانٍ جائرٍ فقضى عليه بغير حكم الله فقد شركه في الإثم"13.
إنّ تفتيت الأسس التي يعتمد عليها الظالمون في حكمهم يُعتبر عملاً سياسيًّا مهمًّا لزعزعة عرشهم، والقضاء على الجَور.
ب- مارس الإمام (عليه السلام) التثقيف على الصيغة السياسيّة السليمة من خلال تبيان موقع الولاية المغصوب واستخدام الخطاب القرآنيّ في هذا المجال الّذي حاولت فيه المدارس الفكريّة الأخرى تجميد النصّ بحدود الظاهر، وكمثالٍ على ذلك تفسيره (عليه السلام) لقوله تعالى: ﴿صِبْغَةَ اللّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدونَ﴾14 بأنّ الصبغة هي الإسلام، وفي قولٍ آخر عنه (عليه السلام): الصبغة هي صبغ المؤمنين بالولاية، يعني الولاية للإمام الحقّ الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام). وعلّق العلّامة الطباطبائي على ذلك بقوله: وهو من باطن الآية15.
ج- قام (عليه السلام) بدعم الحركات المسلّحة وتوجيهها الوجهة الصحيحة، ليحافظ على الروح الثوريّة ضدّ الباطل، وليبقى الطغاة على وجلٍ من عاقبة طغيانهم، من دون أن يتدخّل بشكلٍ مباشرٍ في هذا الحقل، كما لوحظ ذلك في مواقفه من ثورتَي زيد ويحيى.
• الاستغلال العبّاسيّ لقيادة الإمام الصادق (عليه السلام)
تألّق الإمام الصادق (عليه السلام) ودخل صيته كلّ بيتٍ وأصبح مرجعًا روحيًّا تهوى إليه القلوب من كلّ مكان، وتلوذ به لحلّ مشكلاتها الفكريّة والعقائديّة والسياسيّة. ومن جانبٍ آخرٍ اتسع نفوذ أهل البيت (عليهم السلام) وامتدّ خطّهم وكثرت أنصاره حتّى أصبح له وجودٌ في مختلف البلاد الإسلاميّة.
وممّن كان يغتنم الفرص ليحضر عند الإمام ويستمع منه، أبو حنيفة مؤسّس المذهب الحنفيّ، وكان يقول بحقّ الإمام (عليه السلام): "ما رأيت أفقه من جعفر بن محمّد (عليه السلام)"16.
كان مالك بن أنس أيضًا ممّن يحضر عند الإمام (عليه السلام) ليهتدي بهديه، فكان يقول: "ما رأت عينٌ ولا سمعت أذنٌ ولا خطر على قلب بشرٍ أفضل من جعفر بن محمّد الصادق علمًا وعبادةً وورعًا"17.
وقد شهد المنصور بحقّه - وهو ألدّ أعدائه - فقال: "إنّ جعفر بن محمّد كان ممّن قال الله فيه: ﴿ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا﴾18 ، وكان ممّن اصطفى الله وكان من السابقين بالخيرات"19.
ولم يكن الإمام مرجعًا للعلماء والفقهاء والمحدّثين وقائدًا للنهضة الفكريّة والعلميّة في زمانه فحسب، بل كان مرجعًا للساحة والثوّار من أمثال زيد بن عليّ الثائر الشهيد الذي كان يرجع إليه في قراراته، وكان يقول بحقّ الإمام (عليه السلام): "في كلّ زمانٍ رجلّ منّا أهل البيت يحتجّ الله به على خلقه، وحجّة زماننا ابن أخي جعفر لا يضلّ من تبعه ولا يهتدي من خالفه"20.
وكان الإمام الصادق (عليه السلام) يدعم الثورة بالمال والدعاء والتوجيه.
أمّا العلويّون من آل الحسن كعبد الله بن الحسن، وعمر الأشرف ابن الإمام زين العابدين (عليه السلام)، فقد كانوا يرجعون إليه ويستشيرونه في مسائل حياتهم، ولم يتجاوزه أحدٌ في الأعمال المسلّحة والنشاطات الثوريّة.
من هنا كانت القناعة السائدة آنذاك في أوساط الأمّة أنّ البديل للحكم الأمويّ هو الخطّ الذي كان يتزعّمه الإمام (عليه السلام). وهذه الحقيقة لم يكن تغافلها ممكنًا بحال، فإنّ قادة الحركة العبّاسيّة ورموزها المدبّرين لها وقادتها العسكريّين لم يتجاوزوا الإمام عليه السلام حينما قرّروا الثورة على الأمويّين بالرغم من عدم إيمانهم بضرورة تسليم الحكم إلى شخص الإمام (عليه السلام)، ولهذا استغلّوا هذا الامتداد الجماهيريّ للإمام الصادق (عليه السلام) ولأهل البيت عمومًا ورفعوا شعارهم الزائف لاستقطاب الجماهير إلى ثورتهم خداعًا ونفاقًا، لأنّ الطريق الوحيد لهم للاستيلاء على الحكم كان هو شعار "الرضا من آل محمّد".
* بحوث في الحياة السياسية لأهل البيت عليهم السلام, سلسلة المعارف الإسلامية , نشر: جمعية المعارف الإسلامية الثقافية
1- المناقب، م.س: 396، وبحار الأنوار، م.س: 47/26.
2- وسائل الشيعة، م.س: 8/57 ـ 59.
3- بحار الأنوار، م.س: 2/172.
4- المحاسن، أحمد بن محمّد بن خالد البرقي:157، دار الكتب الإسلامية، طهران، 1370هـ.
5- بحار الأنوار، م.س: 27/124.
6- م.ن: 27/125.
7- سورة آل عمران، الآية: 68.
8- بحار الأنوار، م.س: 65/20.
9- م.ن: 65/27.
10- وسائل الشيعة، م.س: 18/19.
11- بحار الأنوار، م.س: 71/225.
12- وسائل الشيعة، م.س: 18/4.
13- م.ن: 18/2.14- سورة البقرة، الآية: 138.
15- الميزان في تفسير القرآن، محمّد حسين الطباطبائي: 1/315، منشورات جماعة المدرّسين، قم، عن طبعة مؤسسة الأعلمي، بيروت، 1973م.
16- سير أعلام النبلاء، شمس الدين الذهبي: 6/258, مؤسسة الرسالة، بيروت، ط 9، 1413هــ 1993م.
17- الشيعة في الميزان، محمّد جواد مغنيّة: 107.
18- سورة فاطر، الآية: 32.
19- تاريخ اليعقوبي، م.س:2/383.
20- المناقب، م.س: 2/147.