12 سنة من العطاء

 

جديد المواضيع

المناسبات الإسلامية >> لماذا البكاء في إحياء أمر أهل البيت عليهم السلام؟

لماذا البكاء في إحياء أمر أهل البيت (عليهم السلام)؟ 

 

إنّ مسألة البكاء على مصاب سيّد الشهداء من السنن المؤكّدة ومن أبرز مصاديق إحياء أمر أهل البيت وأكثرها شيوعًا لكنّها وعلى مدى العصور تعرّضت كشعيرةٍ اختصّ بها شيعة آل البيت للانتقاد والاعتراض وفُهمت بطريقةٍ مغلوطةٍ وبسببها اتُّهِم الشيعة بأنّهم بكّاؤون، وذلك لأنّ هؤلاء لم يفهموا فلسفة البكاء ودوره على الصعيدَين المعنويّ والعمليّ، والإمام الخمينيّ (قدّس سرّه) لحظ وعايش هذه الشبهات، وفي مقام الرد عليها ومواجهتها بيّن ما يشير إلى حقيقة وآثار هذا البكاء. وإليكم ما يلي:

 

1ـ البكاء السياسي:

إنّ الإمام الخميني (قدّس سرّه) أكّد على هذه الجنَبة من الشعائر الحسينيّة ولاسيّما البكاء، ولا نستطيع نقل كلّ أقواله وإنّما نورد بعضها: "القضيّة ليست قضيّة بكاءٍ فحسب، ليست قضيّة تباكي فحسب، إنّما هي قضيّة سياسيّة فأئمّتنا (عليهم السلام) يريدون ـ وعبر بصيرتهم وعمق رؤيتهم الإلٰهيّة ـ أن يوحّدوا صفوف الشعب ويعبّئوه بالطرق المختلفة لكي يصان من الأذى"1.
"... ولا تظنّوا أنّ الأمر مجرّد بكاءٍ وحسب أبدًا، فالقضيّة سياسيّةٌ اجتماعيّةٌ ولو كان الأمر مجرّد بكاءٍ فقط فلِمَ التباكي؟"2.

 

 

2 ـ البكاء الفعّال:

قد يظنّ البعض أنّ البكاء عملٌ سلبيٌّ لا أثر له على الصعيد العمليّ ولكنّ الإمام (قدّس سرّه) يراه بكاءً فاعلًا وذا آثارٍ عمليّةٍ: "... لا يظنّوا أنّنا مجرّد "شعبٍ بكٍاءٍ" فإنّنا شعبٌ تمكّن بواسطة هذا البكاء والعزاء من الإطاحة بنظامٍ عمّر ألفين وخمسمائة عام"3.
إنّ هذا لبكاء إحياءٍ وإدامةٍ للنهضة الحسينيّة، وعن ذلك يقول (قدّس سرّه): "إنّ البكاء على الشهيد يُعدّ إحياءً للنهضة وإدامةً لها، والرواية الواردة "من بكى أو أبكى واحدًا فله الجنّة ومن تباكى فله الجنّة"4 إنّما تشير إلى أنّ حتّى المتباكي يعمل ما من شأنه إدامة النهضة وحفظها، وهذا يصون نهضة الإمام الحسين (عليه السلام) ويديمها"5.

 

 

3 ـ البكاء الموحِّد:

فكرةُ جماهيريّة الشعائر الحسينيّة جميعها، وكونها موحِّدةً للأمّة حول الأهداف العظمى، ممّا لا يُخفى إلى أي مدى ركّز عليها الإمام (قدّس سرّه) ولذا فقد جعل القدرة التوحيديّة للشعائر الحسينيّة أحد أهمّ بركاته ولعلّ ذلك أنّ البعض كان ولا يزال يعتبر أنّها تفرّق الناس ولا توحّدهم، وعن هذا الأثر للبكاء يقول: "لو بكينا على الإمام الحسين (عليه السلام) إلى الأبد فإنّ ذلك لن ينفعه شيئٌ، بل ينفعنا نحن، وفضلًا عن نفعه لنا في الآخرة فإنّ له في الدنيا من المنافع ما ترَون، فلا يخفى عنكم ما له من الأهميّة من الناحية النفسيّة والدور في تأليف القلوب وانسجامها"6.

 

 

4 ـ البكاء التعبويّ:

وهذا أثرٌ غير خفيٍّ للبكاء على مصاب سيّد الشهداء، وعنه يقول (قدّس سرّه): "ينبغي لنا أن نبكي على شهيدنا ونصرخ ونعبّئ الناس بالوعي واليقظة..."7.
وعن علّة وصيّة الإمام الباقر لابنه الإمام الصادق (عليهما السلام) باستئجار من يندبه في منى في موسم الحجّ لعشر مواسمٍ يقول في علّة ذلك: "... إنّ المهمّ في منى، حين يجتمع المسلمون في موسم الحجّ من كلّ أنحاء العالم هناك ويجلس شخصٌ ليرثي الإمام الباقر (عليه السلام) ويوضح جرائم مخالفيه وأعدائه وقاتليه لمدّة عشرة أعوام، ويستمع له الناس، فإنّ ذلك يؤدّي إلى توجيه اهتمام الناس نحو هذا المنهج وتقويته وإثارة موجةٍ من السخط والنقمة ضدّ الظالم..."8.

 

 

5 ـ البكاء يصون الدين ويحفظه:

يقول (قدّس سرّه): "... وإنّما البكاء وسيلةّ حُفظ بها الدين، بل حتّى التباكي يُثاب المرء عليه، لماذا؟ لأنّه هو الآخر يساعد على صون الدين"9.
وحول علّة وصية الإمام الباقر لابنه الإمام الصادق (عليهما السلام) حول إقامة مأتمه لعشر سنواتٍ في منى في الموسم الذي ذيّله بقوله: "... فإنّ ذلك يؤدّي إلى توجيه اهتمام الناس نحو هذا المنهج وتقويته وإثارة موجةٍ من السخط والنقمة ضدّ الظالم...".
فإنّه في موضعٍ آخرٍ في مقام إجابته على تساؤلاتٍ حول قيمة المجالس والبكاء يخلُص إلى النتيجة التالية: "... وأخذت تتحوّل (أي الشعائر الحسينيّة) تدريجيًّا إلى وسائل لتحقيق الوقوف بوجه الحكومات التي كانت تجيء آنذاك، هادفةً القضاء على الإسلام وعلى أسسه الروحانيّة، وقد أخافت هذه المجالس والمواكب تلك الحكومات وأرعبتها"10.
"..إنّ ثورتنا هي امتدادٌ لنهضة الحسين (عليه السلام) وأنّها تَبعٌ لتلك وشعاعٌ من أشعّتها"11.
"... إنّهم يخافون من هذا البكاء بالذات لأنّه بكاءٌ على المظلوم وصرخةٌ بوجه الظالم"12.
"... هؤلاء الذين يوحون إليكم بأنّكم "شعبٌ بكّاءٌ" فأسيادهم وكبراؤهم يخشَون هذا البكاء..."13.
"إنّ البكاء على الشهيد يُعدُّ إبقاءً على اتقاد جذوة الثورة وتأجّجها"14.

 

 

* سلسلة الفكر والنهج الخمينيّ. عاشوراء في فكر الإمام الخمينيّ. نشر جمعيّة المعارف الإسلاميّة الثقافيّة. ص: 41-57. ط 3، آذار 2007م - 1428 هـ .
1. نهضة عاشوراء ص82.
2. نهضة عاشوراء ص83.
3. نهضة عاشوراء ص21.
4. بحار الأنوار ج44 ص288 (عن النهضة).
5. نهضة عاشوراء ص81.
6. نهضة عاشوراء ص82.
7. نهضة عاشوراء ص86.
8. نهضة عاشوراء ص83.
9. نهضة عاشوراء ص87.
10. نهضة عاشوراء ص85.
11. نهضة عاشوراء ص10.
12. نهضة عاشوراء ص10.
13. نهضة عاشوراء ص11.
14. نهضة عاشوراء ص8.

تدريب
2144قراءة
2020-08-27 12:33:39

تعليقات الزوار


إعلانات

 

 

12 سنة من العطاء

إستبيان

تواصل معنا