أغمَضَ النّبي إبراهيم عليه السّلام عَينَيه ونامَ.. في عالَمِ المَنامِ رأى أمرًا عجيبًا! رأى نفسَهُ يَذبَحُ ولدَهُ إسماعيل... إنتَبه من نومِه..فرأى ابنَه نائمًا. ثمّ عادَ إلى نَومِه مجددًا.. فتَكرَّرت الرُّؤيا.. رأى نفسَهُ يَذبَحُ ابنَهُ ويُقِّدمُه قُربانًا إلى ربِّ العالمين!!
استَيقَظ النّبي إبراهيم عليه السّلام وقد انفَلَق عَمودُ الفَجرِ.. تَوضّأ وصلّى... واستيَقَظ إسماعيلُ فتَوضّأ وصلّى. طَلَعَتِ الشّمسُ وغَمَرت التِّلالَ بالنور. كانَ النّبي إبراهيم عليه السّلام حَزينًا.. إنّ الله عزّوجلّ يَمتَحِنهُ مَرّةً أخرى... يَمتحِنُهُ هذه المرّةَ بذبحِ ابنِه.. ماذا يفعل؟
إسماعيلُ رأى أباه حَزينًا، فقال له:
ـ لماذا أنتَ حَزينٌ يا أبي؟
قالَ النّبي إبراهيم عليه السّلام:
ـ هناك أمرٌ أقلَقَني... يا بُنيّ إنّي أرى في المَنامِ أنّي أذبَحُكَ، فماذا تَرى؟
أدرَكَ إسماعيلُ أنّ الله سبحانه يأمرُ رسولَه إبراهيم عليه السّلام أنّ يُضحّي بولدِه... إسماعيلُ كانَ يُحبُّ أباه كثيرًا، يَعرِفُ أنّ أباه لا يَفعلُ شيئًا إلاّ بأمرِ ربِّه. عَرَف إسماعيلُ أنّ اللهَ يَمَتَحِنُ خليلَه إبراهيم عليه السّلام... لهذا قال له:
ـ يا أبتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ سَتَجِدُني إنْ شاءَ اللهُ مِن الصَّابِرين.
أخَذَ النّبي إبراهيم عليه السّلام مُدْيَةً وحَبلًا، وذَهَب إلى أحدِ الوِديان القريبة..
كانَ إسماعيلُ يُرافِقُ أباه ساكِتًا. كانَ يُهيّئُ نَفسَهُ لِلَحظةِ الذَّبح، ويُدعو الله أن يَمنَحَهُ الصبرَ لتحمّلِ الآلامِ في سبيله.. وصَلَ النّبي إبراهيم عليه السّلام وإسماعيل إلى الوادي..نَظَر إسماعيلُ إلى أبيه، كانت عَيناهُ مَليئتين بالدُّموع.. هو أيضًا بكى من أجلِ أبيهِ الشيخ فأراد أن يُنهِيَ الأمرَ بسرعة، قالَ لأبيه:
ـ يا أبي، أحْكِمْ وَثاقي، واكْفُفْ ثِيابَكَ حتّى لا تَتَلطَّخَ بالدمِ فتَراهُ أُمّي.. يا أبي، واشْحَذِ السِّكِّينَ جَيّدًا، وأسْرِعْ في ذَبْحي فإنّ آلامَ الذَّبح شديدة.
بكى النّبي إبراهيم عليه السّلام وقال:
ـ نِعْمَ العَوْنُ أنتَ يا بُنَيّ على أمرِ الله.
أحكَمَ النّبي إبراهيم عليه السّلام الوَثاقَ على كَتِفَي إسماعيلَ.. كاَن إسماعيلُ مُستَسلِمًا تَمامًا لأمرِ الله.
أغمَضَ عَيْنَهِ.. النّبي إبراهيم عليه السّلام أمسَكَ بِجَبينِ ولدِه وحَناهُ إلى الأرض.
جَثا إسماعيلُ الفَتى بهدوءٍ. كانَ يُودِّعُ الحَياة، يُودّعُ أُمَّه وأباه... وضَعَ النّبي إبراهيم عليه السّلام السكِّين على عُنُقِ إسماعيل.. لحظةٌ واحدةٌ وينتهي كلُّ شيء.
عندها سَمِع النّبي إبراهيم عليه السّلام نِداءً سماويًّا... يأمرُه بذبحِ كَبْشٍ فِداءً لإسماعيل...
نَظَر النّبي إبراهيم عليه السّلام إلى جهةِ الصَّوت.. فرأى كَبْشًا سَمينًا يَنزِلُ من فوقِ قمّةِ الجبل.. كانَ كبشًا أملَحَ لَه قُرون!
حَل النّبي إبراهيم عليه السّلام الوَثاقَ عن ابنهِ إسماعيل... ثَمّ قَدّمَ الكبشَ وذَبَحَهُ باسمِ الله.
المخيّم الكشفي
