حركة الإمام الحسين عليه السلام
بسم الله الرحمن الرحيم
حركة الإمام الحسين عليه السلام
تحرّك الإمام الحسين عليه السلام من المدينة إلى مكة التي كانت أكبر قاعدة دينية في الإسلام ومحلاً لتجمع الشخصيات الإسلامية الكبيرة، وذلك في سنة 60 للهجرة. وكان بصحبته عامة من كان بالمدينة من أهل بيته إلاّ أخاه محمد بن الحنفية، وحدّد بذلك موقفه الرافض للبيعة: «إنَّا أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة ومختلف الملائكة ومحط الرحمة بنا فتح الله وبنا ختم، ويزيد رجل فاسق شارب الخمر وقاتل النفس المحترمة معلن بالفسق ومثلي لا يبايع مثله» والهدف من تحركه هذا: «وإني لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً. وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمّة جدّي أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر..».
أحداث الكوفة
ترامت إلى مسامع أهل الكوفة أخبار تحرك الإمام الحسين عليه السلام فبدؤوا تحركهم الثوري. وما لبثت رسائلهم أن توالت على الإمام عليه السلام بالبيعة والموالاة طالبة إليه الحضور إلى الكوفة.
تريث الإمام الحسين عليه السلام لهذا الطلب فأرسل ابن عمه مسلم ابن عقيل ليستطلع الأجواء في الكوفة ويأخذ له البيعة منهم. فاستقبله الناس بالحفاوة والطاعة، ولكن مجريات الأحداث تغيّرت في الكوفة بتولي عبيد الله بن زياد الإمارة والذي أشاع في أرجائها الرعب والإرهاب، مما جعل ميزان القوة ينقلب لصالح الأمويين وفرّ الناس عن مسلم الذي قضى شهيداً وحيداً في تلك الديار.
في طريق الثورة
مضى الإمام الحسين عليه السلام في طريق الثورة ولم يستمر طويلاً حتى اعترضته طلائع الجيش الأموي بقيادة الحر بن يزيد الرياحي. واضطر الإمام عليه السلام إلى النزول بأرض كربلاء في الثاني من المحرّم سنة 61هـ وتوافدت رايات ابن زياد لحصار الحسين عليه السلام وأهل بيته حتى تكاملوا ثلاثين ألفاً بقيادة عمر بن سعد بن أبي وقاص. وفي اليوم الثامن من المحرّم أحاطوا بالحسين عليه السلام وأهل بيته ومنعوهم من الماء على شدّة الحر ثلاثة أيام بلياليها رغم وجود النساء والأطفال والرضع معه. في ليلة العاشر من المحرَّم اشتغل الإمام الحسين عليه السلام وصحبه الأبرار بالصلاة والدعاء والمناجاة، والتهيؤ للقاء العدو، ثم وقف الإمام الحسين عليه السلام بطرفه الثابت، وقلبه المطمئن، رغم كثافة العدو، وكثرة عدده وعدَّته... فلم تنل تلك الجموع من عزيمته، ولم يؤثر ذلك الموقف على قراره وإرادته، بل كان كالطود الأشم، لم يلجأ لغير الله.. لذلك رفع يديه للدعاء والمناجاة وقال: «اللهم أنت ثقتي في كل كرب، وأنت رجائي في كل شدَّة، وأنت لي في كل أمر نزل بي ثقة وعدَّة، كم من هّمٍ يضعف فيه الفؤاد، وتقلّ فيه الحيلة، ويخذل فيه الصديق، ويشمت فيه العدو أنزلته بك، وشكوته إليك، رغبة مني إليك عمَّن سواك، ففرّجته وكشفته، فأنت وليّ كل نعمة، وصاحب كل حسنة، ومنتهى كل رغبة...».
وفي اليوم العاشر من المحرم وقعت حادثة كربلاء المروعة والتي شكّلت فيما بعد صرخة مدوية في ضمير الأمة تزلزل عروش الطواغيت على مرّ العصور.
نتائج الثورة
لم تكن المشكلة التي ثار لأجلها الإمام الحسين عليه السلام مشكلة تسلّط الحاكم الجائر فحسب، بل كانت مشكلة ضياع الأحكام الشرعية والمفاهيم الإسلامية. فكان المخطط الأموي يقضي بوضع الأحاديث المدسوسة وتأسيس الفرق الدينية التي تقدّم تفسيرات خاطئة ومضلّلة تخدم سلطة الأمويين وتبرِّر أعمالهم الإجرامية، ومن هذه المفاهيم الخاطئة التي روّج لها المشروع الأموي الاعتقاد بأن الإيمان حالة قلبية خالصة لا ترتبط بالأفعال وإن كانت هذه الأفعال إجرامية.. لأنه لا تضر مع الإيمان معصية كما لا تنفع مع الكفر طاعة.
الاعتقاد بالجبر: لذا قال معاوية عن بيعة يزيد مبرّراً: «إن أمر يزيد قضاء من قضاء الله وليس للناس الخيرة من أمرهم».
الإعتقاد بأن التمسك بالدين هو في طاعة الخليفة مهما كانت صفاته وأفعاله. وأنّ الخروج عليه فيه شقّ لعصا المسلمين ومروق عن الدين. لذلك أدرك الإمام الحسين عليه السلام خطورة المشروع الأموي على الاسلام، فكان لا بد له من القيام بدوره الإلهي المرسوم له لينقذ الأمة من هذا المخطط المدمّر. فوقف في وجه يزيد فاضحاً أكاذيب الدولة الأموية حتى قضى شهيداً في سبيل إعلاء كلمة الله تعالى. وقد تركت شهادته بما تحمله من طابع الفاجعة صدمة قوية في نفوس المسلمين أيقظتهم من غفلتهم وأعادت الأمور إلى نصابها، ولم يعد يزيد ومن جاء بعده سوى مجرمين مغتصبين للخلافة لا يمثلون الاسلام في شيء.
أعظم الله أجوركم وأجورنا
لا تنسوا المجاهدين من دعائكم
الأنشطة الثقافية
1264قراءة
2015-12-27 13:03:28