الإمام العسكري عليه السلام
واصل الإمام الحسن العسكري عليه السلام مهام الإمامة بعد والده الإمام الهادي عليه السلام ، وعاصر في فترة إمامته القصيرة ست سنوات حكومة ثلاثة خلفاء هم المعتز والمهتدي والمعتمد، وكانت المعاناة مع الدولة العباسية ما زالت شديدة ففي غضون حكم المعتز قُتل الكثير من الأبرياء وسجن من العلويين أكثر من سبعين شخصاً من ال جعفر وال عقيل، وبعد المعتز استلم المهتدي الخلافة، وسجن الإمام عليه السلام ، بل وحتى اتخذ قراراً بقتله إلا أن الأجل لم يمهله فمات المهتدي.
وحدث علي بن جعفر عن الحلبي: "كنا مجتمعين في العسكر ننتظر قدوم الإمام في يوم ذهاب إلى دار الخلافة، فوصلتنا رقعة منه فيها:
"ألا لا يسلمنّ عليّ أحد، ولا يشير إليّ بيده، ولا يومئ، فإنكم لا تؤمنون على أنفسكم".
يقول أحمد بن محمد: "كتبت إلى أبي محمد(الإمام العسكري) حين أخذ المهتدي في قتل الموالي: يا سيدي الحمد للّه الذي شغله عنا، فقد بلغني أنه يتهددك، ويقول واللّه لأجلينهم عن جديد الأرض فوقّع أبو محمد عليه السلام بخطه: "ذلك اقصر لعمره، عدّ من يومك هذا خمسة أيام ويقتل في اليوم السادس بعد هوان واستخفاف يمر به". فكان كما قال عليه السلام"
وبعد المهتدي استلم المعتز زمام السلطة وفي عهده استشهد الإمام العسكري عليه السلام وقتلت معه مجموعة من العلويين، وتذكر بعض المصادر التاريخية أنه قد تم قتل بعضهم بأفجع صورة وحتى بعد القتل مثّلوا بأجسادهم.
الإمام العسكري عليه السلام والتمهيد للإمام المهدي عجل اله تعالى فرجه الشريف
إن المهمة المميزة في إمامته عليه السلام كانت التمهيد لولادة الإمام المهدي عجل اله تعالى فرجه الشريف وغيبته الصغرى والكبرى، والارتباط الصحيح به وضرورة الانتقال بالشيعة من نقطة اتصال مباشرة بالمعصوم إلى نقطة اتصال غير مباشرة، وتعتبر هذه المرحلة من أدق المراحل على الفكر الشيعي منذ النبي محمد صلى الله عليه وآله إلى عهد الإمام العسكري، لذلك كان على الإمام أن يكثف أحاديثه وأن يقوم عملياً كما سيتضح بالتمهيد للغيبة.
ويمكن تلخيص دور الإمام عليه السلام في هذا الاتجاه بما يلي:
1 - النص على الإمام وتعريف شيعته به:
عن محمد بن عبد الجبار قال: قلت لسيدي الحسن بن علي عليه السلام يا ابن رسول اللّه، جعلني اللّه فداك أحب أن أعلم من الإمام وحجة اللّه على عباده من بعدك؟
فقال عليه السلام
"إن الإمام وحجة اللّه من بعدي ابني، سمي رسول اللّه صلى الله عليه وآله وكنيته الذي هو خاتم حجج اللّه واخر خلفائه".
قال: ممن هو يا بن رسول اللّه؟ قال عليه السلام :
"من ابنة قيصر ملك الروم، ألا إنه سيولد ويغيب عن الناس غيبة طويلة ثم يظهر".
2 - التأكيد على الصبر وانتظار الفرج:
إن انتظار فرج الإمام من العبادات بل من أفضل الأعمال كما في الأحاديث المباركة. فإن أول ما يتوجب على الإنسان هو الصبر عند طول الغيبة وما يؤكد على ذلك الرسالة التي أرسلها الإمام إلى علي بن الحسين بن بابويه القمي: التي جاء فيها:
3 - التحذير من الشك والضعف:
قال عليه السلام :
"إن لصاحب هذا الأمر غيبة المتمسك فيها بدينه كالخارط شوك القتاد بيده"
والمقصود بذلك أن الإمام عين وكلاء وسفراء من خاصة أصحابه لتبليغ تعليماته وأحكامه إلى شيعته، وذلك بأسلوب التوقيعات والمكاتبات، وهذا يعتبر تمهيداً عملياً لما سيحصل في زمن الغيبة الصغرى.
5- مدرسة الفقهاء:
اتسم عصر الإمام العسكري ومن قبله عصر الإمامين الهادي والرضا عليهما السلام باتساع رقعة التشيع، واتضاح معالم المدرسة الشيعية، ولذلك دعوا إلى اتباع مدرسة الفقهاء التي تميزت عما سواها، بعدة أمور منها:
1- اعتماد الكتاب والسنة مصدراً للتشريع الإسلامي.
2- الرجوع في تعلم الأحكام إلى المعصوم إن أمكن.
3 - الرجوع إلى الفقهاء الثقات حيث لا يمكن أو يتعسر الرجوع إلى الإمام المعصوم.
4 - الإفتاء بنص الرواية أو بتطبيق القاعدة المستخلصة من الرواية.
دليلة
1706قراءة
2016-01-30 14:13:46