12 سنة من العطاء

 

جديد المواضيع

المناسبات الإسلامية >> مناسبة وعبرة


مناسبة وعبرة


هي سلسة من الموضوعات التي تستلخص عبرة من المناسبات التي حدثت في شهر رمضان المبارك، وهذه العبر واردة في كتاب منابر الهدى من إعداد مركز نون للتأليف والترجمة.


المناسبة الأولى: بداية شهر الصوم.


بركات الصيام


ثواب الصائم:

عن الإمام علي عليه السلام:

"نوم الصائم عبادة، وصمته تسبيح، ودعاؤه مستجاب، وعمله مضاعف، إن للصائم عند إفطاره دعوة لا ترد".

وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "إن للجنة بابا يدعى الريان، لا يدخل منه إلا الصائمون".

وعن الإمام الصادق عليه السلام: "للصائم فرحتان: فرحة عند إفطاره، وفرحة عند لقاء ربه".


الصوم المقبول:

حذرت روايات أهل العصمة عليهم السلام من صوم لا يقبله الله تعالى، فعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "رب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش، ورب قائم حظه من قيامه السهر".

والصوم المقبول هو ما تحقق فيه أمران:

1- صوم الجسد.
2- صوم النفس.


في الحديث: "صوم الجسد الإمساك عن الأغذية بإرادة واختيار خوفا من العقاب ورغبة في الثواب والأجر، صوم النفس إمساك الحواس الخمس عن سائر الماثم، وخلو القلب من جميع أسباب الشر".

قال الإمام علي عليه السلام: "الصيام اجتناب المحارم كما يمتنع الرجل من الطعام والشراب".

قالت فاطمة الزهراء عليها السلام: "ما يصنع الصائم بصيامه إذا لم يصن لسانه وسمعه وبصره وجوارحه"؟!

قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، لامرأة صائمة تسب جارية لها، فدعاها النبي‏ صلى الله عليه وآله وسلم لطعام فامتنعت لكونها صائمة: "كيف تكونين صائمة وقد سببت جاريتك ؟ إن الصوم ليس من الطعام والشراب، وإنما جعل الله ذلك حجابا عن سواهما من الفواحش من الفعل والقول يفطر الصائم، ما أقل الصوام وأكثر الجواع".

الغاية من الصوم:

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ البقرة:183.

قال الإمام علي عليه السلام: "فرض الله... الصيام ابتلاء لإخلاص الخلق".

قالت الزهراء عليها السلام: "فرض الله الصيام تثبيتا للإخلاص".


فوائد الصوم:

قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "ما من مؤمن يصوم يوما من شهر رمضان حاسبا محتسبا إلا أوجب الله تعالى له سبع خصال:

أول الخصلة يذوب الحرام من جسده.
والثاني يتقرب إلى رحمة الله.
والثالث يكفر خطيئته..
والرابع يهون عليه سكرات الموت.
والخامس امنه الله من الجوع والعطش يوم القيامة.
والسادس براءة من النار.
والسابع أطعمه الله من طيبات الجنة".

آثار الصوم:

انكسار الجوارح وخشوعها لله:

عن الإمام الباقر عليه السلام: "الصيام والحج تسكين القلوب".

عن الإمام الصادق عليه السلام: "وعن ذلك ما حرس الله عباده المؤمنين بالصلوات والزكوات، ومجاهدة الصيام في الأيام المفروضات، تسكينا لأطرافهم، وتخشيعا لأبصارهم، وتذليلا لنفوسهم، وتخفيضا (تخضيعا) لقلوبهم".

الشعور بالام الفقراء وجوعهم:

عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال: "أما العلة في الصيام ليستوي به الغني والفقير، وذلك لأن الغني لم يكن ليجد مس الجوع، فيرحم الفقير لأن الغني كلما أراد شيئا قدر عليه، فأراد الله عز وجل أن يسوي بين خلقه وأن يذيق الغني مس الجوع والألم، ليرق على الضعيف ويرحم الجائع".

عن الإمام العسكري عليه السلام: "ليجد الغني مس الجوع، فيمن على الفقير".

عن الإمام الحسين عليه السلام: "ليجد الغني مس الجوع، فيعود بالفضل على المساكين".

يضاف إلى ما مر:

- عزوف الإنسان عن الماديات من خلال ترك الطعام والشراب والنكاح.
- تنمية القدرة على الصبر.
- استشعار أهمية نعم المولى وشكره عليها.
- تذكر جوع يوم القيامة وعطشه.

 

وفاة أبو طالب (عليه السلام) عم الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله)
مؤمن قريش أبو طالب رضون الله عليه

بطاقة هوية

اسمه: عمران.
كنيته: أبو طالب.
والده: عبد المطلب.
أبرز أولاده: علي عليه السلام، جعفر الطيار، عقيل.
أمه: فاطمة بنت عائذ المخزومية.
وفاته: 7 شهر رمضان المبارك عام الحزن 10 للبعثة.

حول مظلومية أبي طالب:

- إن اتهام المرء في إيمانه زورا وبهتانا يعد من أشد أنواع الظلم.
- الأسباب الحقيقية لاتهام أبي طالب: "النيل من أمير المؤمنين‏ عليه السلام حسداً له".

حول إيمان أبي طالب:

عندما نراجع التاريخ والسيرة نجد أبا طالب بصورة الجندي المخلص للإسلام وللنبي صلى الله عليه وآله وسلم حيث نذر نفسه ومكانته وأولاده لخدمة

هذا الدين وللدفاع عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فمن الغريب جداً السؤال عن إيمان هكذا شخصية كانت متقدمة جداً في المراحل العملية فضلاً عن العقائدية، وكان طليعة الإيمان في زمن يندر فيها المتدينون، وكان درعاً للرسول صلى الله عليه وآله وسلم في زمن عزّت فيه الدروع ! وهو أمر واضح في كلام النبي‏ صلى الله عليه وآله وسلم نفسه.

معرفته الإسلام في صغر النبي صلى الله عليه وآله وسلم:

لما أراد أبو طالب رضوان الله عليه الخروج إلى الشام ترك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إشفاقا عليه، ولم يعمل على اصطحابه، فلما ركب أبو طالب رضوان الله عليه بلغه ذلك، فتعلق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالناقة وبكى، وناشده الله في إخراجه معه، فرق له أبو طالب واصطحبه. فلما خرج معه أظلته الغمامة، ولقيه بحيراء الراهب فأخبره بنبوته، وذكر لهم البشارة في الكتب الاولى، فقال أبو طالب رضوان الله عليه:

"إن الأمين محمداً في قومه عندي يفوق منازل الاولاد
لما تعلق بالزمام ضممته والعيس قد قلصن بالازواد
حتى إذا ما القوم بصرى عاينوا لاقوا على شرف من المرصاد
حبرا فأخبرهم حديثا صادقا عنه ورد معاشر الحساد".

سيرته مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعد نبوته:

ولنذكر بعض النماذج التي تبين تفانيه في الدفاع عن الإسلام ونبيه‏ صلى الله عليه وآله وسلم:

1- ذكر أهل السير أن أبا طالب رضوان الله عليه علم أن قريشا أمرت بعض

السفهاء أن يلقي على ظهر النبي صلى الله عليه وآله وسلم سلى الناقة إذا ركع في صلاته، وأنهم فعلوا ذلك، فخرج مسخطا ومعه عبيد له، فأمرهم أن يلقوا السلى عن ظهره صلى الله عليه وآله وسلم ويغسلوه، ثم أمرهم أن يأخذوه فيمروه على سبال القوم، وهم إذ ذاك وجوه قريش، وحلف بالله أن لا يبرح حتى يفعلوا بهم ذاك، فما امتنع أحد منهم عن طاعته، وأذل جماعتهم بذلك وأخزاهم.

2- ولما فقد النبي صلى الله عليه وآله وسلم ليلة الاسراء، جمع ولده ومواليه، وسلم إلى كل رجل منهم مدية، وأمرهم أن يباكروا الكعبة، فيجلس كل رجل منهم إلى جانب رجل من قريش ممن كان يجلس بفناء الكعبة، وهم يومئذ سادات أهل البطحاء، فإن أصبح ولم يعرف للنبي صلى الله عليه وآله وسلم خبرا أو سمع فيه سوءا، أومأ إليهم بقتل القوم، ففعلوا ذلك. وأقبل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى المسجد مع طلوع الشمس، فلما راه أبو طالب قام إليه مستبشرا فقبل بين عينيه، وحمد الله عز وجل على سلامته، ثم قال: "والله، يا ابن أخي، لو تأخرت عني لما تركت من هؤلاء عينا تطرف وأومأ إلى الجماعة الجلوس بفناء الكعبة من سادات قريش. ثم قال لولده ومواليه: أخرجوا أيديكم من تحت ثيابكم".

3- ومن المعروف أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يزل عزيزا ما كان أبو طالب حيا، ولم يزل به ممنوعا من الاذى، معصوما حتى توفاه الله تعالى، فنبت به مكة، ولم تستقر له فيها دعوة، وأجمع القوم على الفتك به، حتى جاءه الوحي من ربه، فقال له جبرئيل عليه السلام: "إن الله عز وجل يقرئك السلام، ويقول لك: "اخرج عن مكة فقد مات

ناصرك فخرج صلى الله عليه وآله وسلم مستخفيا بخروجه، وبات أمير المؤمنين بدلا منه على فراشه موقيا له بنفسه، وسالكا بذلك منهاج أبيه رضوان الله عليه في ولايته ونصرته، وبذل النفس..".

دعاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم له بعد موته:

ومما يؤيد ما ذكر من إيمان أبي طالب رضوان الله عليه أنه لما قبض رضوان الله عليه، أتى أمير المؤمنين عليه السلام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فاذنه بموته فتوجع لذلك النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقال: "امض يا علي، فتول غسله وتكفينه وتحنيطه، فإذا رفعته على سريره فأعلمني".

ففعل ذلك أمير المؤمنين عليه السلام، فلما رفعه على السرير اعترضه النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فرق له، وقال: "وصلتك رحم، وجزيت خيرا، فلقد ربيت وكفلت صغيرا، وازرت ونصرت كبيرا".

ثم أقبل على الناس، فقال: "أما والله، لاشفعن لعمي شفاعة يعجب منها أهل الثقلين".

وقد ذكر المسلمون عامة أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سئل فقيل له: ما تقول في عمك أبي طالب، يا رسول الله، وترجو له ؟ قال: "أرجو له كل خير من ربي".

أشعاره الدالة على إيمانه:

إن أشعار أبي طالب مليئة بالمعارف الإلهية، وتعتبر مدرسة قائمة بنفسها حتى أوصى الأئمة عليهم السلام بتعليم الصغار هذه الأشعار، فقد ورد

عن الإمام الصادق عليه السلام: "كان أمير المؤمنين عليه السلام يعجبه أن يروى شعر أبي طالب وأن يدوّن، وقال: تعلموه وعلموه أولادكم فإنه كان على دين الله وفيه علم كثير".

وإليك نماذج من شعره:

مما يدل على التوحيد:

مليك الناس ليس له شريك **** هو الوهاب والمبدي المعيد
ومن فوق السماء له ملاك **** ومن تحت السماء له عبيد

مما يدل على الإيمان بالإسلام:

وقالوا لاحمد أنت امرؤ **** خلوف الحديث ضعيف النسب‏
ألا إن أحمد قد جاءهم **** بحق، ولم يأتهم بالكذب‏
ألا أبلغا عني على ذات بينها **** لؤيا وخصا من لؤي بني كعب‏
ألم تعلموا أنا وجدنا محمدا نبيا **** كموسى خط في أول الكتب‏

وصيته بنصر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:

اوصي بنصر النبي الخير مشهده **** عليا ابني وشيخ القوم عباسا
وحمزة الاسد الحامي حقيقته **** وجعفرا ليذودوا دونه الباسا

 

وفاة أم المؤمنين الكبرى خديجة بنت خويلد رضوان الله عليها
أم المؤمنين الكبرى خديجة بنت خويلد رضوان الله عليها


بطاقة هوية

اسمها: خديجة.
لقبها: أم المؤمنين، الطاهرة.
والدها: خويلد بن أسد.
أمها: فاطمة بنت زائدة.
أولادها: فاطمة عليها السلام، القاسم، عبدالله.
وفاتها: 10 شهر رمضان المبارك عام الحزن 10 للبعثة.


مكانة خديجة في الإسلام:

عن ابن عباس قال: "خط رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الأرض أربعة خطوط، فقال: أتدرون ما هذا ؟ فقالوا: الله ورسوله أعلم، فقال: أفضل نساء أهل الجنة خديجة بنت خويلد وفاطمة ابنة محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ومريم ابنة عمران واسية ابنة مزاحم إمرأة فرعون".

قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لخديجة: "أمرني جبرائيل أن أقرأ عليك السلام". وبشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب1.

وفي رواية عندما بلغها النبي صلى الله عليه وآله وسلم السلام من ربها جل وعلا ومن جبريل قالت: "هو السلام، ومنه السلام، وعلى جبريل السلام، وعليك يا رسول الله السلام ورحمة الله وبركاته".


خديجة مثال المرأة المؤمنة

كانت خديجة تدعى في الجاهلية الطاهرة:

عن عبد الله بن مسعود قال: "إن أول شئ علمته من أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم اني قدمت مكة في عمومة لي فأرشدونا على العباس بن عبد المطلب، فانتهينا إليه وهو جالس إلى زمزم فجلسنا إليه، فبينا نحن عنده، إذ أقبل رجل من باب الصفا حسن الوجه، معه مراهق أو محتلم تقفوه إمرأة قد سترت محاسنها، حتى قصد نحو الحجر فاستلمه، ثم استلم الغلام، ثم استلمته المرأة، ثم طاف بالبيت سبعا، والغلام والمرأة يطوفان معه فقلنا: يا أبا الفضل ان هذا الدين لم نكن نعرفه فيكم أو شئ حدث؟ قال: هذا ابن أخي محمد بن عبد الله، والغلام علي بن أبي طالب، والمرأة إمرأته خديجة بنت خويلد. ما على وجه الأرض أحد يعبد الله تعالى بهذا الدين إلا هؤلاء الثلاثة".

وروى عن محمد بن عبيد الله بن أبي رافع عن أبيه عن جده، قال: "صلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم الأثنين وصلت خديجة اخر يوم الأثنين".

كانت خديجة أول من امن بالله ورسوله وصدق محمداً صلى الله عليه وآله وسلم فيما جاء به عن ربه وازره على أمره، فكان لا يسمع من المشركين شيئا يكرهه من رد عليه وتكذيب له إلا فرج الله عنه بها، فقد كانت بحق بلسم جراحه صلى الله عليه وآله وسلم.


خديجة مثال الزوجة الصالحة:

إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يتزوج قبل البعثة غير خديجة ولا تزوج عليها أحدا من نسائه حتى ماتت.

وكان يظهر احترامها، ويشهد بفضلها حتى روي أنه قال لعلي‏ عليه السلام: "يا علي لك أشياء ليس لي مثلها: "إن لك زوجة مثل فاطمة وليس لي مثلها، ولك ولدان من صلبك و ليس لي مثلهما من صلبي، ولك مثل خديجة ام أهلك وليس لي مثلها حماة، و لك صهر مثلي، ولك أخ في النسب مثل جعفر وليس لي مثله في النسب، ولك ام مثل فاطمة بنت أسد الهاشمية المهاجرة وليس لي مثلها".

كانت خديجة امرأة حازمة شريفة لبيبة، مع ما أراد الله بها من كرامته، وكانت امرأة تاجرة ذات شرف ومال.. فلما بلغها عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما بلغها: "من صدق حديثه، وعظم أمانته، وكرم أخلاقه، تعلق قلبها به..".


خديجة مثال المرأة المجاهدة

- بذلت مالها في سبيل نصرة الإسلام.

- صبرت وتحملت الشدائد في شعب أبي طالب.

وتنقل أم سلمة: لما ذكرنا خديجة بكى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثم قال: "خديجة وأين مثل خديجة، صدقتني حين كذبني الناس وازرتني على دين الله وأعانتني عليه بمالها، إن الله عزوجل أمرني أن أبشر خديجة ببيت في الجنة من قصب (الزمرد) لا صخب فيه ولا نصب".

وفاتها (رضوان الله عليها):

كانت وفاة خديجة بنت خويلد وأبي طالب في عام واحد، فتتابعت على رسول الله المصائب بموتهما، فقد كانت خديجة له وزيرة صدق على الإسلام وكان يسكن إليها. وذكر أبو عبد الله بن مندة في كتاب المعرفة: "أن وفاة خديجة كانت بعد موت أبى طالب بثلاثة أيام. وزعم الواقدي أنهم خرجوا من الشعب قبل الهجرة بثلاث سنين، وفي هذه السنة توفيت خديجة وأبو طالب وبينهما خمس وثلاثون ليلة.

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ
1- القصب: اللؤلؤ المجوف المنظوم بالدر والياقوت. والصخب: الصياح. والنصب: الهم والتعب.

 


المرأة النموذج والقدوة
المناسبة: وفاة السيّدة خديجة الكبرىرضي الله عنها

التاريخ: العاشر من شهر رمضان المبارك.

الهدف:

التعريف بالجوانب المشرقة للسيّدة خديجة رضي الله عنها وعلوّ شأنها، ومساهماتها في نجاح الدعوة.

 

قال تعالى: ﴿وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ﴾1.

من الضروري الإلمام الواسع بعظمة هذه الشخصيّة التاريخيّة


وأسبقيّتها في حمل أعباء الرسالة مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ودورها الفعّال في دفع عجلة الرسالة الى الأمام، والوفاء لجهادها وبذلها وتضحياتها مع بدايات الدعوة، وتخليداً لها، وتقديمها كنموذج للإقتداء لا سيّما في حياة المرأة.

 

محاور الموضوع:

إسلامها وإيمانها

كانت أوّل الناس تصديقاً بنبوّة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وإيماناً برسالة الإسلام من النساء، كما كان الإمام علي عليه السلام أوّل المؤمنين من الرجال، وقد تشرّفت بمنقبة الوضوء وصلّت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في أوّل يوم نزلت فيه فريضة الصلاة2.

وكانت أول من بايع علياً عليه السلام بعد إسلامها فقد قال لها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "يا خديجة هذا عليّ مولاك ومولى المؤمنين وإمامهم بعدي، فقالت: صدَّقتُ يا رسول الله، قد بايعته على ما قلت"3.

منزلتها ومقامها

وقد اعتبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم وفاتها يوم مصيبة على الأمّة نظراً لدورها وجهادها في سبيل الدعوة إذ قال: "اجتمعت على هذه الأمّة في هذه الأيام مصيبتان (أي وفاة السيدة خديجة ووفاة أبي طالب) لا أدري بأيّهما أنا أشدّ جزعاً"4.

وورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إنّ أفضل نساء أهل الجنّة أربع: خديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمّد ومريم بنت عمران وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون"5.

جهادها وبذلها مالها في الدعوة

تبرعها بمالها: "والله يا محمّد إنّ مالي وعبيدي وجميع ما أملك وما هو تحت يدي فقد وهبته لمحمّد إجلالاً وإعظاماً له"6.

قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "ما نفعني مال قطّ كما نفعني مال خديجة"، وهذا الموقف الكريم منها مدحه الله تعالى بقوله:﴿وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى﴾7 أي بمال خديجة8 .


فقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يفكّ من مالها الغارم والعاني ويحمل الكلّ ويعطي في النائبة ويرفد فقراء أصحابه ويحمل من أراد منهم الهجرة9 .

وقد كان لمالها الفضل في صمود المسلمين عندما حاصرتهم قريش في شعب أبي طالب، فقد ورد أنّ خديجة وأبو طالب أنفقا جميع مالهما10.


ومن جهادها أنّها آثرت الحصار في شعب أبي طالب رغم صعوبة العيش وتحملها الجوع والعطش وحرارة الشمس وعزلتها عن قومها على الحياة الهانئة المرفّهة التي كانت تحظى بها، وما ذلك إلاّ مواساةً لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وانتصاراً للرسالة.

مقامها في الآخرة

عند اشتداد مرضها أتى جبرائيل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقال له: "يا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، هذه خديجة قد أتتك ومعها إناء فيه إدام ـ أو طعام أو شراب ـ فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من ربّها ومنّي وبشّرها ببيت في الجنّة"11.

 


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- الواقعة، 10 ـ 11 .
2- يراجع: كشف الغمة، ج1، ص81 و المناقب، ج2، ص15 .
3- بحار الأنوار، ج18، ص232 / جامع أحاديث الشيعة، السيد البروجردي، ج1، ص 482.
4- تاريخ اليعقوبي، ج1، ص355 .
5- أسد الغابة، ج7، ص83 .
6- بحار الأنوار، ج16، ص55 .
7- الضحى، 8 .
8- المناقب، ج3، ص120 .
9- الامالي، الشيخ الطوسي، ص 468.
10- الخرائج، ج1، ص85 .
11- أسد الغابة، ج7، ص84 .

 

الأخوّة الإسلاميّة مدخل لتحصين المجتمع
المناسبة: المؤخاة بين المهاجرين والأنصار.

التاريخ: الثاني عشر من شهر رمضان المبارك.

الهدف

تعميق رابط الأخوّة بين أهل الإيمان والتعريف بحقوق الأخوّة والحثّ على إحترامها والتقيّد بها.


قال تعالى: ﴿وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا أعداءً فألّف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته اخوانا﴾1.

 

قدّمت الشريعة العلاقة التي تربط أهل الإيمان بعضهم ببعض بأبهى صورة وهي علاقة الأخوة، وحثّت على إيلائها أهميّة خاصّة وتفضيلها على كلّ أنواع العلاقات التي تربط الناس، كالعلاقات الناشئة من وحدة المنطقة أو اللغة أو العمل أو القرابة أو المصالح الخاصّة وسوى ذلك مما لا ينفع الإنسان يوم القيامة.
قال تعالى: ﴿الْأَخِلَّاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ﴾2.

وعندما آخى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بين المهاجرين والأنصار قدّموا لهم نصف ما يملكون، في إشارة إلى أنّ ما يربط المهاجرين والأنصار من علاقة أقوى من الأموال والأرزاق.

محاور الموضوع

أهميّة الأخوّة

وحثّت الشريعة على اتخاذ الإخوان لما يساهم ذلك من ترسيخ روابط الأخوّة وتلاحم المجتمع الإسلاميّ وتماسكه.


عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "استكثروا من الإخوان فإنّ لكلّ مؤمن شفاعة يوم القيامة"3.

وعنه صلى الله عليه وآله وسلم "ما استفاد امرؤ مسلم فائدة بعد فائدة الإسلام مثل أخ يستفيده في الله"4.

وعن الإمام الصادق عليه السلام "من عظّم دينه عظّم إخوانه ومن استخفّ بدينه استخفّ بإخوانه"5.

عن أمير المؤمنين عليه السلام: "لا يكونّن أخوك أقوى منك على مودّته"6.

قضاء حوائج الإخوان

وقضاء حوائج المؤمنين من الأمور التي لا ينبغي التقصير بها، بل لعلّها تتّخذ طابعاً وجوبيّاً في بعض الأحيان.

عن أمير المؤمنين عليه السلام: "قضاء حقوق الإخوان أشرف أعمال المتّقين"7.

وعنه عليه السلام: "إذا أراد الله بعبدٍ خيراً استعمله على حوائج الناس"8.

عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه"9.

وعنه صلى الله عليه وآله وسلم: "أيّما مسلم خدم قوماً من المسلمين إلاّ أعطاه الله مثل عددهم خدماً في الجنّة"10.

حقوق الأخوان

عن أمير المؤمنين عليه السلام: "إنّ أخاك حقّاً من غفر زلّتك وسدّ خلّتك وقبل عذرك وستر عورتك ونفى وجلك وحقّق أملك"11.

عن الإمام الصادق عليه السلام: "إحذر أن تؤاخي من أرادك لطمع أو خوف أو ميل أو للأكل أو لشرب واطلب مؤاخاة الأتقياء ولو أفنيت عمرك في طلبهم"12.

خير الأصحاب وشرّ الأصحاب

سئل أمير المؤمنين عليه السلام: فأيّ صاحب شرّ ؟ فقال عليه السلام: "المزّين لك معصية الله"13.

عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "خير الأصحاب من قلّ شقاقه وكثر وفاقه"14.

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــ
1- آل عمران 3.
2- الزخرف 67.
3- ميزان الحكمة، الريشهري، ج1، ص39.
4- الامالي، الشيخ الطوسي، ص47.
5- ميزان الحكمة، الريشهري، ج1، ص48.
6- ميزان الحكمة، الريشهري، ج1، ص39.
7- ميزان الحكمة، الريشهري، ج1، ص49.
8- كنز العمال، المتقي الهندي، ج6 ح 16،14
9- شرح اصول الكافي، ج2، ص194.
10- الكافي، الشيخ الكليني، ج2، ص207.
11- ميزان الحكمة، الريشهري، ج1، ص44.
12- ميزان الحكمة، الريشهري، ج1، ص44.
13- الامالي، الشيخ الصدوق، ص478.
14- ميزان الحكمة، الريشهري، ج2، ص1591.

 

ملامح عامّة من شخصيّة الإمام الحسن عليه السلام


المناسبة: ولادة الإمام الحسن عليه السلام.

التاريخ: الخامس عشر من شهر رمضان المبارك.

الهدف:

تعريف الناس وتذكيرهم ببعض الفضائل والمناقب الرساليّة التي امتازت بها شخصيّة الإمام الحسن عليه السلام.

الموضوع:

الحسن بن علي عليه السلام:" من ألقابه الطيّب والتّقي والزّكي والوليّ والسبط والمجتبى، ويكنى بأبي محمّد".

 

وهو سيّد شباب أهل الجنّة باجماع المحدّثين، وأحد الأربعة الذين باهل بهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نصارى نجران1 ومن أصحاب الطهر الذين نزل فيهم ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهّركم تطهيرا2، ومن القربى الذين أمر الله بمودّتهم وجعلها أجراً لرسالته كما نصّت الآية: ﴿قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى 3﴾، وأحد الثقلين الذين من تمسك بهما نجا ومن تخلّف عنهما ضلّ وغوى4.

وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يكرّر قوله فيه وفي أخيه الحسين عليه السلام: الحسن والحسين ابناي من أحبّهما أحبّني ومن أحبّني أحبّه الله ومن أحبّه الله أدخله الجنّة، ومن أبغضهما أبغضني، ومن أبغضني أبغضه الله ومن أبغضه الله أدخله النّار5.

محاور الموضوع:

صلاته وذكره لله

قال واصل بن عطاء: كان الحسن بن علي عليه السلام عليه سيماء الأنبياء وبهاء الملوك6،.... وكان إذا صلّى الغداة في مسجد النبي صلى الله عليه وآله وسلم يجلس في مصلاه يذكر الله حتى ترتفع الشمس7،.....وكان إذا توضأ للصلاة تغيّر لونه وإذا وقف لها ارتعدت فرائصه، وإذا ذكر الموت أو القبر أو البعث أو الصراط يبكي حتى يُخشى عليه، وإذا ذكر الجنّة والنّار اضطرب اضطراب السليم وسأل الله الجنّة وتعوّذمن النّار8.

كرمه

وقد قاسم الله ماله ثلاث مرّات9، وخرج من ماله كلّه مرتين.

وجاء في مضامين الروايات أنّه كان يغدق الأموال على الفقراء حتى يستغنوا، ويبادر إلى دفع المال دون أن يكلّف المحتاج عبأ السؤال حتى لا يبذل ماء وجهه معتبراً أن بذل ماء الوجه يقلق المرء ويململه وهو أعظم من بذل المعروف.

عبادته

وحجّ خمساً وعشرين حجّة وأن النجائب لتقاد بين يديه وهو ماشٍ على قدميه يقول إنّي لأستحي من ربّي أن ألقاه ولم أمشِ إلى بيته، وإذا رآه الناس ماشياً ترجّلوا إكراماً له، فإذا أعياهم المشي جاؤوا إليه وقالوا: يا بن رسول الله إنّ الناس قد أعياهم المشي على أقدامهم فإمّا إمّا تركب بعض نجائبك ليركب الناس، أو تتنكّب الطريق فإنّ أحداً لا تطاوعه نفسه أن يركب وأنت تسير على قدميك، فينحرف بمن معه عن الجادّة، فإذا ابتعد عن الناس ركبوا رواحلهم10.

تواضعه

ونقل أنّه اجتاز على جماعةٍ من الفقراء وقد جلسوا على التراب يأكلون خبزاً كان معهم، فدعوه إلى مشاركتهم فجلس معهم وقال: إنّ الله لا يحبّ المتكبرين، ولمّا فرغوا من الأكل دعاهم إلى ضيافته، فأطعمهم وكساهم وأغدق عليهم من عطائه11.
وفي رواية مماثلة أنّه قال بعد أن استضافهم: اليد لهم لأنّهم لم يجدوا غير ما أطعموني ونحن نجدأكثر ممّا أطعمناهم12.

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ
1- السرائر، ابن ادريس الحلي، ج1، ص418.
2- شرح احقاق الحق، السيد المرعشي، ج2، ص508.
3- جامع المقاصد، المحقق الكركي، ج10، ص59.
4- الخلاف، الشيخ الطوسي، ج1، ص27.
5- الصواعق المحرقة، باب 11، ص192.
6- أعيان الشيعةـ السيد الاميني، ج1، ص563.
7- شرح إحقاق الحق، السيد المرعشي، ج33، ص560.
8- ميزان الحكمة، الريشهري، ج2، ص1634.
9- ترجمة الامام الحسن، ابن عساكر، ص142.
10- مستدرك سفينة البحار، الشيخ الشاهرودي، ج2، ص188.
11- صلح الحسن، السيد شرف الدين، ص28.
12- شرح نهج البلاغة، ابن ابي الحديد، ج11، ص198.


القلّة والكثرة في معادلة الإنتصار


المناسبة: معركة بدر الكبرى.

التاريخ: السابع عشر من شهر رمضان المبارك في السنة الثانية للهجرة.

الهدف

التأكيد على أنّ كثرة العدد أو قلّته ليست معياراً في صوابية النهج أو استنزال النصر.

 

قال الله تعالى: ﴿وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾1.


معركة بدر هي أولى المعارك التي خاضها المسلمون ضدّ المشركين وذلك بعد طول انتظار وصبر على أذى قريش وطغاتها حتى جاء الأمر الإلهيّ بالمواجهة العسكريّة، واستطاع المسلمون أن يسجّلوا نصراً ساحقاً ساهم في وحدتهم وثباتهم وقوّة كيانهم وفرض هيبتهم في كلّ شبه الجزيرة العربيّة.

محاور الموضوع

الغلبة ليست رهن كثرة العدّة والعتاد

قال تعالى: ﴿كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً﴾2.

مقارنة بين العدّة والعتاد بين جيش المسلمين وجيش المشركين في معركة بدر، حيث جيش المسلمين كان يعد 313 رجلاً بينما فاق جيش المشركين الألف، وأمّا في العتاد من جياد وسيوف ورماح وسوى ذلك فلم يكن من محالٍ للمقارنة.

وإلى ذلك أشارت الآية ـ وأنتم أذلّة3 ـ أي قلّة.

مقارنة بين عدّة وعتاد المقاومة الإسلاميّة في لبنان وجيش الدفاع الإسرائيليّ المجهّز لمواجهة عدّة دول عربيّة مجتمعة، ومع ذلك استطاعت المقاومة أن تلحق به أكثر من هزيمة.

وعن أمير المؤمنين عليه السلام: "إنّ هذا الأمر لم يكن نصره ولا خذلانه بكثرة ولا قلّة"4.

القلّة ليست مؤشراً على صوابيّة النهج أو عدمها

لطالما نجد الناس تجتمع حول السائد أو المشهور أو المتعارف أو الأقوى وهي تغفل أنّ هذه الضوابط كلّها لا يمكن أن تكون معياراً لصوابيّة النهج وأحقيّته.
عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "يا عمّار...فإن سلك الناس كلّهم وادياً وعليّ في وادٍ فاسلك وادي علي"5.

وعنه صلى الله عليه وآله وسلم: "لا تستوحشوا طريق الحقّ لقلّة سالكيه"6.

قال تعالى: ﴿وإن تطع أكثر من في الارض يضلوك عن سبيل الله﴾7.

وأكبر شاهد في التاريخ على أنّ كثرة العدد والأتباع ليست دليلاً على صوابيّة النهج وأحقيتّه ما جرى في كربلاء حيث واجهت ثلّة قليلة كانت على الحقّ جحافل الأعداء المؤلّفة التي اجتمعت على الباطل.

المعيار في معرفة طريق الحقّ

يعلّمنا الإسلام أنّ معرفة طريق الحقّ ينبغي أن يتمّ عبر التفكير والتأمل في معالم هذا الخطّ وبرامجه ومشاريعه وشعاراته ومصداقيّته وسلوكه وليس بالنظر إلى الأفراد والأشخاص القائمين على هذا الخطّ.

عن أمير المؤمنين عليه السلام يوم حرب الجمل رداً على سؤال سائل كان محتاراً ومشكّكاً بين جبهة الحقّ وجبهة الباطل وهو يرى علياً عليه السلام وصي الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وابن عمّه وصهره في جانب، وعائشة زوجة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في جانب آخر، فقال له: إنّ الحقّ والباطل لا يعرفان بأقدار الرجال، إعرف الحقّ تعرف أهله، واعرف الباطل تعرف من أهله8.

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- آل عمران، 123 .
2- البقرة 249.
3- آل عمران 123.
4- نهج البلاغةـ ج2، ص29.
5- مناقب ال ابي طالب، ابن شهر اشوب، ج3، ص7.
6- مع رجال الفكر، السيد مرتضى الرضوي، ج2، ص169.
7- الانعام 116.
8- انساب الاشراف، البلاذري، ص274.


ليلة القدر أشرف ليالي السنة

المناسبة: ليلة القدر.

التاريخ: ليالي 19و21 و23 من شهر رمضان المبارك.

الهدف:

بيان فضيلة هذه الليلة وترسيخ أهميّة وفضيلة إحيائها.

 

ورد في دعاء الإفتتاح: "وليلة القدر وحجّ بيتك الحرام وقتلاً في سبيلك فوفّق لنا".

 

ليلة القدر ليلة لا يضاهيها في الفضل والمنزلة سواها من الليالي على الإطلاق، والعمل فيها خير من عمل ألف شهر، وفيها من الكرامات والفيوضات الإلهيّة ما لا يحصى.

وتعمّدت النصوص إبقاء هذه الليلة مرددة بين ثلاث ليالي، وقد سئل أبو جعفر عليه السلام في عدّة أحاديث عن ليلة القدر أيّ الليلتين هي؟ فلم يعيّن، بل قال: ما أيسر ليلتين فيما تطلب، أو قال ما عليك أن تفعل خيراً في ليلتين1.

محاور الموضوع:

فضائل ليلة القدر

1ـ ليلة مباركة: قال تعالى: ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ﴾2.

2ـ مضاعفة الثواب: قال تعالى: ﴿لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾3. وقد ذكرت النصوص أنّ العمل في هذه الليلة له أجر وثواب العمل في ألف شهر.

3ـ عرض الأعمال بين يدي صاحب العصر والزمان: وبالتالي فلينظر كلٌ منّا ماذا يقدّم بين يدي الحجّة القائم عجل الله تعالى فرجه الشريف، وإلى أيّ حدّ ستساهم أعمالنا في تعجيل الفرج الذي هو واجب الأمّة في عصر الغيبة.

4ـ نزول القرآن: قال تعالى: ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ﴾4، ولا يخفى أنّ إنزال القرآن في هذه الليلة إنّما كان دفعةً واحدة على قلب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم5 .

5ـ ليلة التقدير الإبرام: قال تعالى: ﴿فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ﴾6. ففي هذه الليلة تقدّر شؤون السنة كلّها من الأعمار والأرزاق والإبتلاءات وسوى ذلك.

6ـ نزول الملائكة: قال تعالى: ﴿تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ﴾7. وهي التي تتشرّف بالحضور بين يدي صاحب العصر والزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف وتعرض عليه ما قدّر الله لكلّ من المقدّرات.

7ـ ليلة سلام ورحمة: قال تعالى:﴿سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ﴾8.


فضيلة إحياء ليلة القدر

وهذه الليلة يستحبّ إحياؤها حتى مطلع الفجر بالأعمال الخاصّة والعامّة الواردة، وبالإكثار من الصلاة والإستغفار والدعاء لمطالب الدنيا والآخرة، والدعاء للوالدين والأقارب والإخوان المؤمنين والصلاة على النبيّ وآله، فقد ورد في الحديث عن الإمام الباقر عليه السلام: "من أحيا ليلة القدر غفرت له ذنوبه ولو كانت عدد نجوم السماء ومثاقيل الجبال ومكاييل البحار"9.

ما يستحبّ الدعاء به

روي أنّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم قيل له: ماذا أسأل الله تعالى إذا أدركت ليلة القدر ؟ قال: العافية10.

وعنه صلى الله عليه وآله وسلم: "ما سئل الله شيئاً أحبّ إليه من أن يُسأل العافية"11.

وفي الدّعاء: ونسأله المعافاة في الأديان كما نسأله المعافاة في الأبدان12.

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- مشارق الشموس، المحقق الخوانساري، ج2، ص446.
2- ـ الدخان 3.
3- القدر، 3 .
4- القدر، 1 .
5- تفسير الامثل، الشيخ ناصر مكارم الشيرازي، ج15، ص14.
6- الدخان 4.
7- القدر، 4 .
8- القدر، 5 .
9- فضائل الاشهر الثلاثة، الشيخ الصدوق، ص118.
10- مستدرك الوسائل، الميرزا النوري، ج7، ص458.
11- كنز العمال ج1 - ص 313
12- نهج البلاغةـ ج1، ص191.


الفتح المبين بالرّحمة الواسعة

المناسبة: فتح مكّة.

التاريخ: العشرون من شهر رمضان المبارك.

الهدف:

تقديم بعض الدروس والعبر الأخلاقيّة التي تلائم ثقافة النصر في الإسلام والتي جسّدها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم فتح مكّة.

 

قال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ﴾1.


فتح مكّة من الأيام المشهودة التي تهاوت فيها أكبر قلاع الشرك فتحطّمت الأصنام، وصدع صوت الله أكبر في مكّة، واستسلم أهلها وكتب الله لرسوله النّصر المبين، ومن المعلوم أنّ هذه الحملة العسكريّة على مكّة إنّما كانت بعدما نقض المشركون بنود صلح الحديبيّة وذلك بإغارتهم على قبيلة خزاعة حليفة المسلمين.

هذا اليوم سطّر فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أروع معاني الأخلاق الكريمة والسجايا الفاضلة التي انصهرت شخصيّته الرساليّة بها، فكان فتحاً لا يشابهه أيّ فتح في أيّ من الحروب والمعارك.

محاور الموضوع:

ومن المهمّ والضروريّ في يوم فتح مكّة الوقوف على المشاهد التالية:

1ـ العفو عند المقدرة: لمّا استتبّ الأمر لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم فتح مكّة دخل الكعبة وطرح ما بها من أصنام وأمر بتكسيرها، ثمّ توجّه الى المكّيين وسألهم: ماذا ترون أنّي فاعلٌ بكم ؟ قالوا: خيراً، أخٌ كريم وابن أخٍ كريم، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: إنّي أقول لكم ما قال أخي يوسف لاخوته، لا تثريب عليكم اليوم، يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين، اذهبوا فأنتم الطلقاء2.

وبهذا الموقف جسّد رسول الله أنّ الإسلام دين عفو ورحمة، وأنّه لا يعامل قريش بحقدً وانتقام رغم معاناته معهم طيلة عشرين عاماً، ومحاصرتهم له وخوضهم المعارك ضدّه وقتلهم لأصحابه وأنصاره ومحاولتهم اغتياله والقضاء على كلّ مشروعه.

2ـ المحافظة على الدماء والأعراض: فرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أراد لهذا الفتح أن يكون نموذجاً وتجسيداً لمكارم الأخلاق في الإسلام، فقد كان باستطاعته أن يدخل مكّة بالقوّة وقد جاءها في عشرة الآف مقاتل، لكنّه أعلن أنّ الموقف ليس للإنتقام والكراهيّة، بل إنّ الناس وأموالهم وأرزاقهم وممتلكاتهم في أمنٍ وأمان فنادى فيهم مقولته المشهورة: من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن ألقى السلاح فهو آمن، ومن دخل المسجد فهو آمن، ومن أغلق بابه فهو آمن3.

وفي روايةٍ أنّ أحد قادة جيش المسلمين أخذ ينادي حين دخول مجموعته العسكرية مكّة من إحدى مداخلها: اليوم يوم الملحمة، اليوم تسبى الحُرمة، فغضب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لهذا الشعار وقال ردّاً عليه: اليوم يوم المرحمة4، ولم يكتفِ بذلك بل أمر بأخذ اللواء منه ودفعه إلى شخصٍ آخر تأديباً له.

3ـ التواضع عند النصر: فالإنتصار عند غير المسلمين يكون مدعاة للتكبّر والتعالي والإستئثار وفرض القرارات الجائرة والإنتقاميّة والغفلة عن الله، بينما نرى أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لمّا أشرف على مكّة ورأى منازلها إغرورقت عيناه بالدموع، فانحنى تواضعاً لله وشكراً، وأنّه لمّا دخل الكعبة فإنّ أوّل ما قام به أن صلّى ركعتي شكر لله تعالى.

4ـ الوفاء: عندما دخل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مكّة في موكب عظيم وجليل دخلها من ناحيةٍ يُقال لها "أذاخر" وهي أعلى نقطة في مكّة، فضرب له قبّة عند قبر عمّه أبي طالب ليستريح فيها، وقد أصرّوا عليه أن ينزل في بعض بيوت مكّة فأبى5، وهذا الموقف منه صلى الله عليه وآله وسلم إنّما كان لشدّة محبّته لأبي طالب ووفاءً لدوره في رعاية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وحمايته الرسالة في بدايات الدعوة.

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــ
1- الانبياء 107.
2- تذكرة الفقهاء، العلامة الحلي، ج1، ص 428.
3- مستدرك سفينة البحار، ج8، ص109.
4- المغازي، ج2، ص821ـ 822 .
5- الإمتاع، ج1، ص380.

 

ملامح عامّة من شخصيّة أمير المؤمنين عليه السلام

المناسبة: استشهاد أمير المؤمنين عليه السلام .

التاريخ: الواحد والعشرون من شهر رمضان المبارك.

الهدف

الإضاءة على بعض الصفات والسجايا النبيلة في شخصيّة أمير المؤمنين عليه السلام.

 

عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في فهمه، وإلى يحي بن زكريا في زهده، وإلى موسى بن عمران في بطشه،فلينظر إلى علي بن أبي طالب "1.


الحديث عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث عن مجمع الفضائل ومنتهى الكمال البشري، فهو راية الهدى وإمام المتّقين ووصيّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ووليّ الأمّة من بعده، وقد قال فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إنّ عليّاً منّي وأنا منّه وهو وليّ كلّ مؤمن2، وإنّ الحقّ معه يدور معه كيفما دار3، وهو باب مدينة العلم4، ولولاه لم يعرف المؤمنون بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وهو الذي لا يبغضه مؤمن ولا يحبّه منافق5، فحبّه علامة إيمان تأكل الذنوب كما تأكل النّار الحطب، وبغضه علامة نفاق تحبط الأعمال فلا يقيم الله لها يوم القيامة وزنا".

محاور الموضوع

ونحن هنا سنقتصر على رواية واحدة يشير فيها ضرار بن حمزة إلى بعض مزايا أمير المؤمنين عليه السلام وسجاياه الكريمة:

إنّ معاوية سأل ضرار بن حمزة بعد موت الإمام علي عليه السلام عنه فقال صف لي عليّاً، فقال: أو تعفيني؟ فقال: صفه، فقال: أوتعفيني ؟ فقال:
لا أعفيك، قال: أمّا إذا لا بدّ فأقول ما أعلمه منه:

تحمل المسؤوليّة: "كان بعيد المدى شديد القوى "6.

الحزم في المواقف: "يقول فصلاً ويحكم عدلاً "7.

العلم: "يتفجر العلم من جوانبه، وتنطق الحكمة من نواحيه "8.
وعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أنا مدينة العلم وعليّ بابها"9، ولطالما كان علي عليه السلام يخاطب أصحابه: "سلوني قبل أن تفقدوني"10.

الخشوع: "يستوحش من الدنيا وزهرتها، ويستأنس بالليل وظلمته، كان والله غزير الدمعة "11.

التفكّر ومحاسبة النفس: "طويل الفكرة، يقلّب كفيه، ويخاطب نفسه"12.

الأسوة والقدوة في الحياة: "يعجبه من اللباس ما خشن، ومن الطعام ما جشب "13. وقد قال مبيّناً زهده: "ألا وإنّ إمامكم قد اكتفى من لباسه بطمريه ومن طعامه بقرصيه"14.

التواضع: "كان والله كأحدنا يجيبنا إذا سألناه، ويبتدأنا إذا أتيناه، ويأتينا إذا دعوناه"15.

الهيبة والوقار: "ونحن والله مع تقريبه لنا وقربه منّا لا نكلّمه هيبةً، ولا نبتدأه عظمةً "16.

الإهتمام بالمظهر: "إن تبسّم فعن اللؤلؤ المنظوم"17.

علاقته بأهل الدين والإيمان: "يعظّم أهل الدين"18، فقد روي: من عظّم دينه عظّم إخوانه ومن استخفّ بدينه استخفّ بإخوانه19.

علاقته بالفقراء والمساكين: "ويحبّ المساكين"20، وفي الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "يا عليّ إنّ الله...... وهب لك حبّ المساكين، فرضوا بك إماماً ورضيت بهم أتباعاً"21.

العدل وعدم التحيز: "لا يطمع القوي في باطله، ولا ييأس الضعيف من عدله"22.

عزوفه عن الدنيا: "وكأنّي أسمعه وهو يقول: يا دنيا أبي تعرّضت، أم إليّ تشوّقت، هيهات هيهات غرّي غيري قد باينتك ثلاثاً لا رجعة لي فيك، فعمرك قصير، وعيشك حقير، وخطرك كثير"23.

إشعار المرء نفسه بالتقصير أمام أهوال الآخرة: "آهٍ من قلّة الزاد وبعد السفر ووحشة الطريق"24.

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- الغدير، الاميني، ج3، ص356.
2- مقام الامام علي، نجم الدين العسكري، ص29.
3- خلاصة عبقات الانوار، السيد حامد النقودي، ح7، ص166.
4- مدينة المعاجز، السيد هاشم البحراني، ج1، ص529.
5- شرح الاخبار، القاضي المغربي، ج1، ص153.
6- مناقب الامام أمير المؤمنين، ج2، ص51.
7- ن.م. ج2، ص51.
8- ن.م. ج2، ص51.
9- الامالي، الشيخ الصدوق، ص425.
10- نهج البلاغة، ج2، ص130.
11- ن.م. ج2، ص51.
12- ن.م. ج2، ص51.
13- ن.م. ج2، ص51.
14- مختصر بصائر الدرجات، ح154.
15- من خصائص أمير المؤمنين وفضائله، ص158.
16- اضواء على عقائد الشيعة الامامية، ص126.
17- ن.م. ج2، ص51.
18- ن.م. ج2، ص51.
19- الامالي، الشيخ الطوسي، ص98.
20- نهج البلاغة، ج2، ص130.
21- الامالي، الشيخ الصدوق، ص655.
22- ن.م. ج2، ص51.
23- ن.م. ج2، ص51.
24- ن.م. ج2، ص51.


المناسبة: نزول القرآن.

التاريخ: في ليلة القدر المباركة.

الهدف:

التعريف بأهمّ خصائص ومميّزات القرآن الكريم كما وردت فيه، وبيان فضل تعلّم القرآن وتعليمه.

الموضوع:

﴿كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّور﴾1

 

القرآن الكريم هو خاتمة الرسالات ومعجزة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وهو الكتاب


الذي تفرّد بسعادة الإنسان في الدنيا ونجاته في الآخرة، فلا يمكن لكتابٍ آخر أو رسالةٍ أخرى أن تمنح الإنسان ما يمنحه إيّاه القرآن الكريم، وقد عبّر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن ذلك بقوله: "جئتكم بخير الدنيا والآخرة"2.

وأشار القرآن الكريم إلى هذا التفرّد عندما ذكر الظلمات بصيغة الجمع، بينما ذكر النور بصيغة المفرد في قوله تعالى: ﴿لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ﴾3، وفي آية أخرى يقول تعالى: ﴿وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ﴾4.

محاور الموضوع:

خصائص القرآن في القرآن

1ـ أفضل سبل الهداية: قال تعالى: ﴿إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ﴾5. وهو الأفضل كونه خاتم الرسالات الصادرة عن الله تعالى، وأمّا الكتب الوضعيّة فلا يمكن لواضعيها الإلمام بأبعاد شخصيّة الإنسان كما الله خالق الإنسان.

2ـ جامع لكافّة المعارف: قال تعالى: ﴿تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْء﴾6، وفي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "من أراد علم الأوّلين والآخرين فليقرأ القرآن"7، وجامعيته تعني أنّ الله أودع كتابه الخطوط العامة التي من شأنها حلّ وعلاج أي حادثة أو إشكاليّة شرط التقيّد والإلتزام بهذه الخطوط.

3ـ مصدّقٌ ومكمّلٌ للرسالات السابقة: قال تعالى: ﴿مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ﴾8، فالقرآن ليس مستقلّاً عن حركة الأنبياء والرّسل السابقين، بل هو جزء منها والجزء المتمّم لها، وكلّ ما كان قبله إنّما هو مقدّمة وتمهيد له.

4ـ شفاء للمؤمنين وخسارة للظالمين: قال تعالى: ﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَارًا﴾9، وذكر الفيلسوف صدر المتألّهين أنّ صفة الشفاء من الصفات الخاصّة بالقرآن الكريم، وأنّ الله لم يصف كتاباً آخرَ بهذه الصفة.

5ـ أحسن الحديث: قال تعالى: ﴿اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ﴾10، لإنّه يقدّم للإنسان سبيل خلاصه مستفيداً من تجارب الماضين وعبر الحاضر.

6ـ هدىً ورحمة: قال تعالى: ﴿.... وهدىً ورحمة للمؤمنين﴾11، فهو يفتح له آفاق الهداية والتفكّر والتدبّر في هذا الوجود ويقرّبه من الله تعالى.

7ـ حياة النفوس: قال تعالى: ﴿اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ﴾12، بمعنى يقضي على الأمراض الأخلاقيّة والنفسيّة ويجعل من الإنسان إنساناً كاملاً.

فضيلة تعلّم القرآن وتعليمه وحفظه

تعلّم كتاب الله وتعليمه من الأمور التي ينبغي الإهتمام بها سيّما على مستوى الأولاد والحياة الأسريّة ومدارسنا ومراكزنا الدينيّة والتربويّة.

عن الإمام الصادق عليه السلام: "ينبغي للمؤمن أن لا يموت حتى يتعلّم القرآن أو يكون في تعلّمه"13.
وعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "ألا من تعلّم القرآن وعلّمه وعمل بما فيه فأنا له سائق إلى الجنّة"14.
وعنه صلى الله عليه وآله وسلم: "من أعطاه الله حفظ كتابه فظنّ أنّ أحداً أعطي أفضل ممّا أعطي فقد غمط أفضل النعمة"15.

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ
1- ابراهيم 1.
2- الامالي، الشيخ الطوسي، ص538.
3- ابراهيم 1.
4- الانعام 153.
5- ـالاسراء 9.
6- النحل 89.
7- ميزان الحكمة، الريشهري، ج3، ص252.
8- آل عمران 3.
9- الإسراء، 57 .
10- ـالزمر 23.
11- يونس 57.
12- الانفال 24.
13- الكافي، الشيخ الكليني، ج2، ص607.
14- كنز العمال، 2375 .
15- كنز العمال، 2317 .

 


المناسبة: يوم القدس العالمي.

التاريخ: آخر جمعة من شهر رمضان المبارك.

الموضوع:

قال تعالى: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ1﴾.

 

لأنّ شهر رمضان هو أفضل الشهور، والعشر الأواخر منه هي أفضل الأيام، ويوم الجمعة له بركاته الخاّصة أعلن الإمام الخميني هذا اليوم يوماً عالمياً للقدس، ليؤكّد أنّ قضيّة فلسطين قضيّة عباديّة ـ سياسيّة


تنطلق من قيم الإسلام المحمديّ الأصيل الذي يدعو الى مقارعة الظلم والطغاة، بل إنّ هذه القضيّة اليوم من أوجب الواجبات التي ينبغي العمل لها، وأكثر القضايا أجراً وثواباً وقرباً بين يدي الله تعالى.

وإحياء هذا اليوم إنّما يكون بإبراز الغضب من أعمال وسياسات هذا الكيان والتنديد بها والقيام بالمسيرات الإحتجاجيّة وتعريف الناس بجرائم هذا العدو، ونشر الكتب والصور والإصدارات التي تبيّن فظاعة ما يقوم به هذا العدو الغاصب، وقد أكّد الإمام الخميني على ذلك قائلاً: من واجب العلماء والخطباء أن يذكّّروا الناس في المساجد والأوساط الدينيّة بجرائم اسرائيل.

محاور الموضوع:

ثوابت الصراع مع الكيان الإسرائيليّ الغاصب

ومن المناسب في هذه المناسبة التذكير بالثوابت الأساسيّة التي لا يجوز الحياد عنها:

1ـ التذكير باغتصاب فلسطين وأنّها حقّ للفلسطينيين، والتأكيد على أنّ هذه القضيّة ليست خاصّة بالفلسطينيين، بل قضيّة ينبغي على كلّ المسلمين والعرب التحرّك للعمل على استرجاع الأرض والمقدّسات، ولا يجوز لأيّ شخص أو دولة أو جهة مهما علا شأنها التفريط بهذا الحقّ الذي هو ملك للمسلمين والعرب كافّة.

2ـ عدم جدوائية المساعي الدبلوماسيّة في الوصول الى حلّ، فإنّ هذه المساعي وعلى فترة العشرات السنين لم تزيد الشعب الفلسطيني سوى المزيد من التشرّد والضياع والإبتعاد عن قضيّته، فلا جدوى فعليّة لهذا المسعى سيّما وأنّنا نرى هذا الكيان الصهيونيّ يرفض الإستجابة للعديد من القرارات الدولية ويضرب بها عرض الحائط.

3ـ التأكيد على خيار المقاومة: وهو المبدأ الأهمّ الذي ينبغي التركيز عليه في إحياء يوم القدس العالميّ، وأدلّ دليل تجربة المقاومة في لبنان التي استطاعت أن تسجّل النصر على العدو الصهيونيّ، هذه التجربة التي يجب تعميمها وتوعية الناس عليها وإدخالها في ثقافة كافّة الشعوب العربيّة والإسلاميّة.

4ـ عدوانيّة هذا العدوان وسياسته التوسعيّة: فهو كيان قائم على الإجرام وارتكاب المجازر بحقّ الشعب الفلسطيني واللبناني، وسلسلة المجازر الطويلة بدءاً من مجزرة دير ياسين وقانا 96 وقانا 2006 وصولاً الى مجازر غزة 2008، وهو كيان لا يرضى بدولة فلسطين بل له أطماعه التي تصل إلى إسرائيل الكبرى الممتدّة من النيل إلى الفرات كما يصرّح زعماء وقادة هذا الكيان، وربّما تتعدّى إسرائيل الكبرى.


5ـ خطر الكيان الصهيونيّ على الأديان والمقدّسات: فهذا الكيان كيان عنصريّ يؤمن بأفضليّة عنصره على كافّة الشعوب مهما كانت أديانها ومقدّساتها، وأن لا قيمة إلاّ لمصالحه التي دونها تسقط كلّ المحرّمات والمقدّسات، وهو لا يتورع عن الإستهانة بالأنبياء والكتب المقدّسة والمساجد ورجال الدّين والأماكن المقدّسة إذا تعارض ذلك مع بعض مصالحه.

 

 


ـــــــــــــــــــــــــــــــ
1- الإسراء، 1 .


المناسبة: عيد الفطر السعيد.

التاريخ: الأوّل من شوال.

تصدير الموضوع

قال الإمام علي عليه السلام: "إنّما هو عيد لمن قبل الله صيامه وشكر قيامه"1.

المدخل

مفهوم العيد من وجهة نظر الإسلام معناه انتصار الإنسان على نفسه من خلال أدائه لواجباته، ولذلك يكون العيد بعد القيام بالعبادة، والفرح إنّما يكون بهذا الإنتصار، قال تعالى: ﴿يَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّه﴾2، لإنّ الإنتصار كما يكون في ساحات الجهاد الأصغر يكون كذلك في ساحات الجهاد الأكبر.

كان أصحاب رسول الله يودّعون شهر رمضان بالبكاءكمن يفقد عزيزاً، وذلكً لانتهاء مهلة مضاعفة الأجر والثواب، هذه المهلة التي كانت فرصة لتهذيب النفس ولجم شهواتها والإنتصار على غرائزها.

محاور الموضوع

ما ينبغي التحلّي به في يوم العيد

لمّا كان العيد شعيرة دينيّة من شعائر الله تعالى لزم إبراز هذه الشعيرة بكلّ المظاهر الدينيّة من الصلاة جماعة والتكبير والتهليل والتحميد وقراءة الأدعية المستحبّة، فعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "زيّنوا العيدين بالتهليل والتكبير والتحميد والتقديس"3.

ولا بدّ بعد العبادة الطويلة التي قمنا بها في هذا الشهر وما تركت من أثرٍ على النفوس والقلوب من تجلّي هذه الآثار على عدّة مستويات أهمّها:


1ـ على المستوى الفرديّ: أن يكون العيد يوم معاهدة يعاهد الإنسان ربّه على أن يبدأ صفحة جديدة من السلوك والعمل الخالي من الذنوب، وأن لا يرجع إلى غيّ أو ضلالةٍ أو انحرافٍ أو ظلم ٍ أو أي سيئةٍ تبعده عن رضا الله تعالى، وهذا هو العيد الحقيقيّ كما ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام: "كلّ يوم لا يعصى الله فيه فهو عيد"4.

2ـ على المستوى الأسريّ: ينبغي أن تتجلّى صلة الرحم وزيارة الأقارب في هذا اليوم لا سيّما الوالدين والإهتمام بالزوجة والأولاد، ونحرص على توطيد العلاقات داخل الأسرة، فعن الإمام الباقر عليه السلام: "تزاوروا في بيوتكم فإنّ ذلك حياة لأمرنا، رحم الله عبداً أحيا أمرنا"5.

كما يستحبّ الإهتمام بالتزيّن في اللباس والمظهر وإدخال السرور والفرح على نفوس الأولاد والأطفال حتى يقترن العيد في نفوسهم بهذه المعاني، ويحرص على تقديم التهاني والتبريكات وتقبيل الأطفال وتقديم الهدايا والقيام بكلّ ما من شأنه أن يشيع جو الإلفة والمودّة والوئام.

3ـ على المستوى الإجتماعيّ: أهمّ ما يجب المبادرة إليه هو نبذ الخلافات وإشاعة روح المودّة والتسامح والتصالح، فلا ينبغي أن يبقى متخاصمَين، ولا نترك قطيعة أو بغضاء بين المؤمنين إلاّ ونعمد على إزالتها يوم العيد.


كما ينبغي الرأفة بالفقراء والمحتاجين الذين لا يقدرون على توفير الحاجات الماديّة المطلوبة ومساعدتهم ليشاركوا إخوانهم بهذا الفرح، فقد ورد عن أبي عبد الله عليه السلام: "من نفّس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفّس الله عنه كرب الآخرة وخرج من قبره وهو ثلج الفؤاد"6.

ولا بدّ من عيادة المرضى ومواساتهم لا سيّما الجرحى، وزيارة أهل القبور لا سيّما قبور الشهداء.
كما لا ننسى الدعاء للمجاهدين المرابطين على الثغور حفظاً لكرامة الأمّة وعزّتها، الذين يمضون يوم العيد مع بنادقهم وفي متاريسهم.

 

1- وسائل الشيعة، ج15، ص308.
2- *الروم 3.
3- ميزان الحكمة، الريشهري، ج3، ص2198.
4- نهج البلاغة، ج4، ص100.
5- الخصال، الشيخ الصدوق، ص22.
6- الكافي، الشيخ الكليني، ج2، ص199.

 

 

 

مهدي
2602قراءة
2016-01-18 23:38:13

تعليقات الزوار


إعلانات

 

 

12 سنة من العطاء

إستبيان

تواصل معنا